ماجاء به جبرئيل حسب الحديث النّبوي ، فلا يبقى بعده مجال للمتأوّلين أمثال البخاري في أنّه رأيُ محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي هو كسائر البشر ، والذي يُخطئُ ، كغيره ، فالأولى للبخاري حينئذ أنْ يُبعدَ هذه الرواية ويطرحها كلّياً من حسابه كما طرح غيرها.
فتراه يخرج في صحيحه في كتاب الصلح ، باب كيف يكتب هذا ما صالحَ فلان بن فلان ، قول الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي بن أبي طالب : « أنتَ منِّي وأنا منك » في قضية اختصام علي وجعفر وزيد على ابنة حمزة ، في حين أنّ ابن ماجة ، والترمذي ، والنسائي ، والإمام أحمد ، وصاحب كنز العمّال ، كلّهم يخرجون قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « علي منّى وأنَا من علي ، ولا يؤدّي عنّي إلاَّ أنَا أو علي » (١) قالها في حجّة الوداع ، ولكن أنّى للبخاري أن يُخرجَ ذلك؟!
٧ ـ أضف إلى ذلك أنّ الإمام مسلم أخرج في صحيحه من كتاب الإيمان ، باب الدّليل على أنّ حبّ الأنصار وعلىّ من الإيمان وعلاماته وبغضهم من علامات النّفاق :
عن علىّ قال : « والذي فلق الحبّة ، وبرأ النسمة ، إنّه لعهْدُ النبىُّ الأُمّي صلىاللهعليهوآلهوسلم إليَّ : أنْ لا يُحبّني إلاّ مؤمنٌ ، ولا يبغضُني إلاّ منافِقٌ ».
____________
(١) مسند أحمد ٤ : ١٦٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٤ ح ١١٩ ، سنن الترمذي ٥ : ٢٩٩ ح ٣٨٠٣ وصححه ، المصنف لابن أبي شيبة ٧ : ٤٩٥ ح ٨ ، كتاب السنة لابن أبي عاصم : ٥٨٤ ح ١٣٢٠ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ٤٥ ح ٨١٤٧ ، المعجم الكبير للطبراني ٤ : ١٦ ، الجامع الصغير للسيوطي ٢ : ١٧٧ ح ٥٥٩٥ ، كنز العمال ١١ : ٦٠٣ ح ٣٢٩١٣ ، تاريخ دمشق ٤٢ : ٣٤٥ ، تهذيب الكمال للمزي ٥ : ٣٥ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ٢١٢ وسنده صحيح.