وأكّد المحدّثون وأصحاب السنن قول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لعَلي : « ولا يحبّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافقٌ » (١).
أخرجه الترمذي في صحيحه ، والنسائي في سننه ، ومسند أحمد بن حنبل ، والبيهقي في سننه ، والطبري في ذخائر العقبى ، وابن حجر في لسان الميزان ، ولكنّ البخاري رغم ثبوت هذا الحديث عنده ، والذي أخرجه مسلم ورجاله كلّهم ثقات لم يخرج هذا الحديث; لأنّه فكّر ثمّ قدّر ، بأنّ المسلمين سيعرفون نفاق كثير من الصّحابة ، ومن المقرّبين للرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
بهذه الإشارة التي رسمها من لا ينطق عن الهَوى إن هُو إلاّ وحيٌّ يُوحَى ، كما أن الحديث في حدّ ذاته فضيلة كبرى لعلي وحدَه دونَ سائر الناس ، إذ به يُفرقَ الحقّ من الباطل ، ويعرفُ الإيمان من النّفاق.
فهو آية الله العُظمى ، وحجّته الكبرى على هذه الأُمة ، وهو الفتنةُ التي يختبر الله بها أُمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد نبيّها ، ورغم أن النّفاق هو من الأسرار الباطنية التي لا يطّلعُ عليها إلاّ من يعلم خائنة الأعيُن وما تُخفي الصدور ، ولا يعرفها إلاّ علاّم الغيوب ، فإنّ الله سبحانه تفضّلا منه ورحمةً بهذه الأُمّة وضع لها علامةً ، ليهلك من هلك عن بيّنة ، وينجو من نجا عن بينة.
____________
(١) مسند أحمد ١ : ٩٥ وقال الشيخ أحمد شاكر : « إسناده صحيح وهو مكرّر ٦٤٢ » ، سنن الترمذي ٥ : ٣٠٦ ح ٣٨١٩ وصحّحه ، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ١٣٧ ح ٨٤٨٧ ، مسند أبي يعلى ١ : ٢٥١ ح ٢٩١ ، المعجم الأوسط ٢ : ٣٣٧ ، تاريخ بغداد ٨ : ٤١٦ ، تاريخ دمشق ٤٢ : ٢٧١ ، أُسد الغابة ٤ : ٢٦ ، تذكرة الحفاظ للذهبي ١ : ١٠ ، سير أعلام النبلاء للذهبي ٥ : ١٨٩ ، الإصابة ٤ : ٤٦٨ ، البداية والنهاية ٧ : ٣٩١ وغيرها من المصادر.