وقد جاء في صحيحه إضافة إلى الكذب والتدليس من الرّواة المشهورين بذلك ، بعض الرّوايات السّخيفة والبشعة ، مثال ذلك ما رواه في صحيحه من كتاب النكاح باب ما يحلّ من النّساء وما يحرُمُ وقوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ اُمَّهَاتُكُمْ ) إلى آخر الآية.
قال في آخر الباب : لقوله تعالى ( وَاُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ) ، وقال عكرمة عن ابن عبّاس : إذا زنى بأُخت أمرأتِهِ لم تحرم عليه أمرأتُهُ ، ويروى عن يحيى الكندي عن الشعبي وأبي جعفر فيمن يلعبُ بالصبىِّ إن أدخله فيه فلا يتزوّجنَّ أُمَّهُ.
وقد علّق على هذا الكلام شارح البخاري في الهامش بقوله : « اللاّئق بمنصب العلماء أن يجلّوا قدرهم عن كتب مثل هذا الكلام والتفوّه به ».
كما أخرج في صحيحه من كتاب تفسير القرآن ، باب « نساؤكم حرث لكم » عن نافع قال : كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلّم حتّى يفرُغُ منه ، فأخذت عليه يوماً فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان ، قال : تدري فيما أُنزلتْ؟ قلت : لا ، قال : أُنزلت في كذا أو كذا ، ثمّ مضى.
وعن نافع عن ابن عمر « فأتوا حرثكم أنّى شِئتم » قال : يأتيها في (١). وعلّق الشارح بقوله : قوله في ... بحذف المجرور وهو الظرف أي في الدّبر ، قيل : وأسقط المؤلّف ذلك لاستنكاره ، كذا في الشارح.
كنت يوماً في جامعة السربون بباريس أتحدّث عن أخلاق النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وخُلقه العظيم الذي تحدّث عنه القرآن ، وعُرفَ به النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى قبل البعثة
____________
(١) صحيح البخاري ٥ : ١٦٠.