من الخمس يومئذ ، فلّما أردتُ أن أبتني بفاطمة عليهاالسلام بنت النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واعدتُ رجلا صوّاغاً في بني قينقاع أن ترتحل معي فنأتي بإذخر ، فأردت أن أبيعه من الصوّاغين فنستعين به في وليمة عُرسي.
فبينما أنا أجمعُ لشارفَىَّ من الأقتاب والغَرائرِ والحبالِ ، وشارفايَ مُناخانِ إلى جنبِ حجرة رجل من الأنصار حتى جمعتُ ما جمعته ، فإذا أنا بشارِفىَّ قد أُجبَّتْ أسنمتهُما ، وبُقرتْ خواصِرُهُما ، وأُخِذَ من أكبادهما ، فلم أملك عينىَّ حين رأيت المنظرَ ، قلتُ : من فعل هذا؟ قالوا : فعله حمزة بن عبد المطّلب ، وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار عنده قينةٌ وأصحابُه ، فقالت في غنائها : ( ألا يا حمزُ للشّرفِ النّواءِ ) ، فوثب حمزةٌ إلى السّيف فأجبَّ أسنمتهما وبقر خواصرهما وأخذ من أكبادهما.
قال علي : فانطلقت حتى أدخلَ على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعنده زيدُ بن حارثة ، وعرف النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي لقيتُ ، فقال : ما لك؟ قلتُ : يا رسول الله ما رأيتُ كاليوم ، عَدَا حمزةُ على ناقتىَّ فأجبَّ أسنمتهما وبقر خواصرهما ، وها هو ذا في بيت معه شرب ، فدعا النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بردائه ، فارتدى ثمّ انطلق يمشي واتبعتُه أنا وزيد بن حارثة حتّى جاء البيتَ الذي فيه حمزةُ ، فاستأذن عليه فأُذِنَ له ، فطفق النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يلُومُ حمزةَ فيما فعل ، فإذا حمزةُ ثَمِلٌ محمرّةٌ عيناهُ ، فنظرَ حمزةُ إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم صعَّدَ النّظرَ فنظر إلى رُكبتيهِ ، ثمّ صعّد النظر فنظر إلى وجهه ، ثمّ قال حمزةُ : وهل أنتم إلاّ عبيد لأبي ، فعرف النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه ثمِلٌ ، فنكصَ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على عقبيه القهقرى ، فخرج وخرجنا معه.