ثالثاً : اعترافهم وإقرارهم بأنّ ما لديهم من الكتب يحتملُ الخطأ والصّواب ، وليس عندهم كتاب صحيح إلاّ كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ويكفيك أن تعرف مثلا أن أعظم كتاب عندهم وهو « أُصول الكافي » يقولون بأنّ فيه آلاف الأحاديث المكذوبة (١) ، ولذلك تجد علماءهم ومجتهديهم دائبين على البحث والتنقيب ، فلا يأخذون منه إلاّ الثّابت بالمتن
____________
(١) بمعنى التي لم تصح ولا يمكن الاحتجاج بها لضعف سندها الناشئ : إمّا من عدم توثيق الراوي ، أو أنّه متهم بالكذب ، أو غير ذلك. ثمّ إنّ مراده من الكافي جميع روايات كتاب الكافي والتي هي مقسمة إلى أُصول وفروع وروضة ، ويبلغ مجموعها أكثر من ستة عشر ألف حديث ، وليس مقصوده فقط الاُصول من كتاب الكافي المقابلة للفروع ، وسرّ وجود هكذا روايات في المصادر الشيعية ـ وخصوصاً الكافي الذي هو من أهم الكتب المعتمدة عند اتباع مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ـ هو أنّ المحدثين الشيعة لم يتعهدوا ولم يلتزموا بأن ينقلوا خصوص الروايات الصحيحة كما فعله غيرهم ـ حسب زعمه ـ ، وإنّما دوّنوا الروايات والآثار المنقولة والمنسوبة إلى الأئمة من أهل البيت عليهمالسلام ، وعلى العالم الرجوع إلى سند أي رواية يريد التمسّك بها; ليراها هل هي صحيحة السند أم لا؟ وعلى فرض صحة سندها هل يكون متنها مقبولا ، أي خالياً من الشذوذ والعلّة كما يقول علماء الحديث ، إذ ليس كلّ ما صح سنده قُبل وعمل به ، ولأجل ذلك ترى أنّ العلماء يختلفون فيما بينهم في صحة رواية وضعفها; وهذا موجود أيضاً عند أهل السنّة فيما عدا ما يسمى بـ ( صحيح البخاري ) و ( صحيح مسلم ) إذ أنّهما ـ حسب زعمهم ـ صحيحان ، ولا يطعنون في رواية واحدة منهما.
ومن هذا يتضح أنّ ما ذكره عثمان الخميس في مناظرة قناة المستقلّة ، سنة ١٤٢٢ في شهر رمضان المبارك ، كلام بعيد عن المنهج العلمي والبحث بالتي هي أحسن ، وهو كلام تهريج أقرب من كلام باحث يتوخى الحقيقة والوصول إليها.