عمر بن الخطاب بأنّ رسول الله يهجر ولا يدرِ ما يفعل ولا ما يقول ، وهذا أمرٌ لا سبيل إليه ، فهو مستحيلٌ ولا يقول به الشيعة.
فعلى الباحث هنا أن يتقي الله في بحثه ، ولا تأخذه العاطفة فيميل عن الحقّ ، ويتّبع الهوى فيضلّ عن سبيل الله ، إنّما واجبُه أن يخضع للحقّ ولو كان الحقّ مع غيره ، ويحرّر نفسه من الرّواسب والعواطف والأنانيّة ، فيكون من الذين امتدحهم الله عزّ وجلّ في قوله : ( فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أحْسَنَهُ اُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللّهُ وَاُوْلَئِكَ هُمْ اُوْلُوا الألْبَابِ ) (١).
فليس من المعقول إذاً أنْ يقول اليهود : إنّ الحقّ عندنا ، ويقول النّصارى : إنّ الحقّ عندنا ، ويقول المسلمون : إنّ الحقّ عندنا ، وهم مختلفون في العقائد والأحكام!
فلا بدّ للباحث أنْ يُمحّص أقوال الديانات الثلاثة ، ويقارن بعضها ببعض حتّى يتبيّن له الحقّ.
وليس من المعقول أيضاً أن يقول أهل السنّة بأنّ الحقّ معهم ، ويقول الشيعة بل الحقّ عندهم وحدهم ، وهم يختلفون في بعض المفاهيم والأحكام ، فالحقّ واحدٌ لا يتجزأ.
فلا بدّ للباحث أن يتجرّد ويُمحّص أيضاً أقوال الطّرفين ، ويقارن بعضها ببعض ، ويُحَكِّمَ عقلَهُ حتّى يتبيّن له الحقّ ، وذلك هو نداء الله سبحانه لكلّ فرقة تدّعي الحقّ; إذ يقول : ( قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (٢).
____________
(١) الزمر : ١٧ ـ ١٨.
(٢) البقرة : ١١١.