والجماعة في صحاحهم ومسانيدهم وتواريخهم ، فيمكن للشيعة عندئذ أن يحتجّوا به على أهل السنّة والجماعة.
ويدّعي أهل السنّة والجماعة بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عيّن أبا بكر ليُصلّي بالنّاس في مرض موته ، وقال بالمناسبة : « ويأبى الله ورسولَه والمؤمنون إلاّ أبا بكر » (١).
فهذه الحادثة وهذا الحديث لا وجود له في كتب الشيعة ، وإنّما يروون بأنّ رسول الله بعث إلى علىّ ، فبعثت عائشة إلى أبيها ولمّا عرف رسول الله ذلك قال لعائشة : « إنكنّ لصويحبات يوسف » (٢) وخرج هو ليصلّي بالنّاس وزحزح أبا بكر.
فلايمكن وليس من الإنصاف أن يحتجّ أهل السنّة والجماعة على الشيعة بما انفردوا هم به ، وخصوصاً إذا كانت الروايات متناقضة ويكذّبها الواقع والتاريخ; لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله عيّنَ أبا بكر ليكون ضمن جيش أُسامة ، وتحت امرته وقيادته ، ومن المعلوم أنّ أمير الجيش في السّرية هو إمام الصّلاة.
وقد ثبت تاريخياً بأنّ أبا بكر لم يكن موجوداً في المدينة عند وفاة الرّسول ، وكان بالسّنح يتجهّز للخروج مع أميره وقائده أُسامة بن زيد الذي لم يبلغ من العمر إلاّ سبعة عشر عاماً ، فكيف والحال هذه يمكن لنا أن نصدّق بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عيّنه لإمامة الصّلاة؟ اللّهم إلاّ إذا صدّقْنا بقول
____________
(١) أورده ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١١ : ٤٩ وقال : « إنّهم وضعوه في مقابل الحديث المروي عنه في مرضه : ائتوني بدواة وكتف ... ».
(٢) الصراط المستقيم للبياضي ٣ : ١٣٤.