قال : هل عندك مِجْهرٌ خاصّ تعرف به الصحيح من المكذوب؟
قلت : ليس عندي أكثر ممّا عندك ، ولكن ما اتفق عليه السنّة والشيعة فهو صحيح; لأنّه ثبتت صحّته عند الطرفين ، ونُلزمهم به كما ألْزموا أنفسهم ، وما اختلفوا فيه حتّى لو كان صحيحاً عند أحدهم فلا يُلزمُ الطرف الثاني بقبوله ، كما لا يُلزمُ الباحث الحيادي قبوله والاحتجاج به لأنّه دورىٌ.
وأضربُ لذلك مثلا واحداً حتّى لا يبقى هناك إشكال في هذا الموضوع ، وحتّى لا يعاد نفس الانتقاد بأساليب متعدّدة :
يدّعي الشيعة بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نصّب عليّاً خليفة للمسلمين في غدير خم يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجّة بعد حجّة الوداع وقال بالمناسبة :
« من كنت مولاه فهذا علىّ مولاه ، اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه » (١). فهذه الحادثة وهذا الحديث نقله كثير من علماء أهل السنّة
____________
يؤمن الخصم به ، فإذا كان مؤمناً بصحيح البخاري ، وكان في البخاري ما يؤكّد عقيدة الشيعة ـ مثلا ـ ويدعمها فالاحتجاج به يكون أفضل وأكمل والزام للخصم بما ألزم به نفسه. وهذا الإشكال لا يورده إلاّ المبتدئ الذي لم يسمع بالحوار والاستدلال ، أو المتعصب الذي أعماه حب الهوى فأصم سمعه وبصره.
(١) حديث الغدير حديث ثابت صحيح متواتر ، نصّ على صحته وتواتره أعلام القوم ، وقد أخرجه أكثر المحدّثين وأرباب التصانيف ، راجع على سبيل المثال : مسند أحمد ١ : ١١٨ ، المستدرك للحاكم ٣ : ٣٧١ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٠٣ ، المصنف لابن أبي شيبة ٧ : ٤٩٩ ح ٢٨ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ١٣٢ ح ٨٤٧٣ ، صحيح ابن حبان ١٥ : ٣٧٦.
وأخرجه الشيخ الألباني في صحيحته ٤ : ٣٣٠ ح ١٧٥٠ ، وأثبت صحة الحديث وتواتره ، وردّ على شيخ السلفية ابن تيمية المتسرع في الطعن بأحاديث فضائل أهل البيت من دون نظر في طرق ورأي العلماء فيها.