آخرتهم بدنياهم وألبسوا الحقّ بالباطل وهم يعلمون ، وبقي أغلب المسلمين ضحية هذا الدسّ والتزوير ، ولو علم هؤلاء الضحايا الحقيقة ، لما ذكروا أبا سفيان ومعاوية ويزيد إلاّ باللّعن والبراءة.
[ إذا ما عرفنا كلّ ذلك عرفنا منزلة هؤلاء ، وعرفنا أنّهم لا يستحقّون إلاّ الذمّ والتبرّي منهم ومن أعمالهم ، لا اتّباعهم وتبرير أفعالهم ] (١).
ولكن الذي يهمّنا في هذا البحث الوجيز هو التوصّل إلى مدى تأثير هؤلاء وأشياعهم وأتباعُهم الذين حكموا المسلمين طيلة مائة عام ، ولمّا يزل في خطواته الأولى.
ولا شكّ في أنّ تأثير هؤلاء المنافقين كان كبيراً على المسلمين ، فغيّر عقيدتهم ، وغيّر سلوكهم ، وأخلاقهم ، ومعاملاتهم ، وحتى عباداتهم ، وإلاّ كيف يمكن لنا تفسير قعود الأُمة عن نصرة الحقّ وخذلان أولياء الله والوقوف مع أعداء الله ، ورسوله؟!
وكيف يمكن لنا أن نفسِّر وصول معاوية الطّليق ابن الطّليق واللّعين ابن اللّعين إلى الخلافة التي تمثّل مرتبة وخلافة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! وفي الوقت الذي يموّه علينا المؤرّخون بأنّ النّاس كانوا يقولون لعمر بن الخطاب : « لو رأينا فيك إعوجاجاً لقوّمناك بسيوفنا » نراهم يتحدّثون عن معاوية وهو يعتلي منصّة الخلافة بالقهر والقوة ، وأوّل خطبة يقولها في جميع الصّحابة : « إنّي ما قاتلتكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولكن لأتأمّر عليكم ، وها أنا ذا أميرٌ
____________
(١) أضيفت لعدم استقامة الجملة بدونها.