وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ المُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً ) (١).
والذي لا مفرّ منه في هذا البحث هو النتيجة المؤلمة التي وصلنا إليها ، وهو أنّ أبا سفيان ومعاوية ما كانا ليتجرّآ على صاحب الرسالة لولا مواقف عمر السّابقة ، وجرأته على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبحضرته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وخصوصاً إذا بحثنا مواقفه طيلة حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومعارضته إياه في كثير من المواقف.
والاستنتاج الذي لا بدّ منه هو أنّ هناك مؤامرة كبرى حيكت للنّيل من شخصية الرسول الأكرم ، وانتقاصه وتصويره للناس الذين لم يعرفوه بأنّه شخصٌ عادىٌ أو أقلّ من ذلك ، فقد تأخذه العاطفة ويميل مع هواه ويزيغ عن الحقّ ، كلّ ذلك ليموّهوا على الناس بأنّه ليس معصوماً ، والدليل أنّ عمر عارضه عدّة مرّات ، والقرآن ينزل بتأييد ابن الخطّاب ، حتّى وصل الأمر بأن يهدد الله نبيّه صلّى الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيبكي ويقول : لو أصابنا الله بمصيبة لم ينجُ منها إلاّ ابن الخطّاب (٢) في قضية أسرى بدر.
أو أنّ عمر كان يأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يحجُب نساءه ، ولم يكن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يفعل ذلك حتى نزل القرآن بتأييد عمر ، وأمر نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يحجب نساءه (٣).
أو أنّ الشيطان لا يخاف من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولكنّه يخاف ويهرب من
____________
(١) الفرقان : ٢٧ ـ ٣١.
(٢) نحوه الرياض النضرة ١ : ٢٤٩ ح ٦٠٩ ، تفسير الدر المنثور للسيوطي ٣ : ٢٠٢ ، أسباب النزول للواحدي ٢٤٢ ، تفسير القرطبي ٨ : ٣١ ، روح المعاني للآلوسي ٥ : ٢٣١.
(٣) صحيح البخاري ١ : ٤٦ ، باب خروج النساء إلى البراز.