كما أنّهم حاولوا منع دفن الإمام محمّد بن جرير الطبري صاحب التفسير الكبير والمؤرّخ العظيم لا لشيء إلاّ لأنّه صحَّح حديث غدير خم « من كنتُ مولاه فهذا عليّ مولاه » وجمع رواياته من طرق متعدّدة ، بلغت حدّ التواتر.
قال ابن كثير : وقد رأيت له كتاباً جمع فيه أحاديث غدير خم في مجلدين ضخمين ، وكتاباً جمع فيه حديث الطير المشوي (١).
وذكره أيضاً ابن حجر في لسان الميزان فقال : هو الإمام الجليل والمفسِّر ، ثقة ، صادق ، فيه تشيّع يسير وموالاة لا تضرّ (٢).
__________________
٥٤٣ وقال في ترجمته : « .. قال علي بن محمّد الطيب الجلابي في تاريخ واسط : ابن السقّا من أئمة الواسطيين الحفاظ المتقنين .. قال السلفي : سألت الحافظ خميساً الجوزي عن ابن السقّاء فقال : هو من مزينة مضر ، ولم يكن سقّاء ، بل لقباً له ، من وجوه الواسطيين وذو الثروة والحفظ ، رحل به أبوه فأسمعه من أبي خليفة وأبي يعلى وابن زيدان البجلي .. وبارك اللّه في سنّه وعلمه ، واتفق أنّه أملى حديث الطير فلم تحتمله نفوسهم ، فوثبوا به ، وأقاموه وغسلوا موضعه ، فمضى ولزم بيته فكان لا يحدّث أحداً من الواسطيين ».
يا للغرابة فهل الذي يحدث بفضائل أهل البيت عليهمالسلام يهان بل يغسل موضعه!! إذ صار نجساً ؛ لأنه تحدث بفضيلة ومنقبة تهدم ما أسسوه من أفضلية أبي بكر على غيره ، وحديث الطير يثبت عكس ذلك ، ويثبت أنّ الأفضلية لعلي بن أبي طالب عليه ، وأنّه أحبّ الخلق إلى اللّه سبحانه وتعالى. وهذا الحديث ثابت بطرق كثيرة جداً ، حتى إنّ الذهبي نفسه أفرد رسالة لهذا الحديث ، لكثرة الطرق الواردة فيه!
فانظر إلى حركة النصب والبغض لأهل البيت عليهمالسلام ثمّ بعد ذلك لا تستغرب ما فعلوه بهم من قتل وتشريد وطمس للفضائل ، وللّه في خلقه شؤون.
١ ـ البداية والنهاية لابن كثير ١١ : ١٦٧.
٢ ـ لسان الميزان لابن حجر ٥ : ١٠٠ في ترجمة ابن جرير الطبري.