ولمّا دفع أبو بكر وعمر أمير المؤمنين عن منصبه في الخلافة وتقمصاها ، وصغَّرا بذلك شأن عليّ وفاطمة وأهل البيت عليهمالسلام وأهانوهم ، عند ذلك سهل الأمر على معاوية ويزيد وعبد الملك بن مروان وأضرابهم أن يفعلوا ما فعلوه.
ولولا أنّهما مهَّدا لمعاوية ، ومكَّنا له في البلاد حتى بقي والياً في الشام وحدها أكثر من عشرين عاماً ولم يعزل أبداً ، ونال معاوية هيبة ، وأوطأ رقاب الناس حتى دانوا له بكلّ ما يريد ، ثمّ جعل الخلافة لابنه من بعده الذي وجد ـ كما صرّح بنفسه ـ بيوتاً منجدة ، وفرشاً ممهدة ، ووسائد منضدة ، فمن الطبيعي أن يقاتل من أجلها ، وأن يقتل ريحانة النبيّ ولا يبالي ، فقد رضع بغض أهل البيت في حليب أُمّه ميسون ، وترعرع في حجر أبيه على سبهم ولعنهم ، فلا غرابة أن يصدر منه الذي صدر أو أكثر من ذلك.
وقد اعترف بعض الشعراء بهذه الحقيقة إذ يقول :
لولا حدودٌ صوارم |
|
أمضى مضاربها الخليفة |
لنشرت من أسرار آل |
|
محمّد جملا ظريفة |
وأريتكم أنّ الحسين |
|
أُصيب يوم السقيفة |
ويفهم الباحث المتتبّع بأنّ دولة بني أُميّة كلّها قامت بفضل أبي بكر وعمر ، وكذلك دولة بني العباس وغيرها من الدول ، ولذلك نجد هؤلاء قد بذلوا كلّ ما في وسعهم للتنويه بأبي بكر وعمر ، وخلق الفضائل لهم وإثبات أحقيتهم في الخلافة ، لأنّهم أدركوا بأنّ شرعيّتهم في الخلافة لا تتمّ إلاّ بتصحيح خلافتهما والقول بعدالتهما.