وأمّا ما في كلام بعض الأفاضل (١) من أنّ إرادة العهد الذهني ممّا لا وجه له في المقام غير واضح الوجه ، بل عدم جواز إرادته هنا ممّا لا وجه له ، ولا يلزم من ذلك تعلّق التصديق بأمر مبهم حتّى ينهض سندا للمنع ، إذ عدم التعيين أعمّ ممّا هو في الخارج أو في الذهن فقط ، والتصديق لا يقتضي إلاّ التعيّن الخارجي ، وهو لا ينافي لأن يؤخذ في الحدّ الّذي لحاظه لحاظ الذهن البعض الغير المعيّن ، لعدم الملازمة بين عدم التعيّن الذهني وعدم التعيّن الخارجي ، كما في قوله عليهالسلام : « ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني » (٢).
وإن شئت فقل : إنّه يراد من اللفظ الذات المتعيّنة في الخارج لا بوصف التعيّن.
ومن البيّن أنّ عدم اعتبار التعيّن في الذهن لا يستلزم انتفاءه بحسب الخارج.
وملخّص الإشكال : أنّ الأحكام إن اريد به الكلّ لم تنعكس الحدّ لخروج أكثر الفقهاء ـ إن لم نقل كلّهم ـ لعدم تيسّر الإحاطة لهم بجميع الأحكام ، وإن اريد به البعض لم يطّرد لدخول المقلّد الّذي عرف بعض الأحكام بطريق الاستدلال ، مع أنّه ليس بفقيه وعلمه ليس بفقه في الاصطلاح.
[١٦] قوله : ( لم يطّرد ... الخ )
وحيث إنّ الحدّ يعتبر كونه مساويا لمحدوده بعدم كونه أخصّ ولا أعمّ منه فيحصل بينهما الصدق الكلّي من الجانبين ، على معنى صدق المحدود على جميع ما يصدق عليه الحدّ ، وصدق الحدّ على جميع ما يصدق عليه المحدود ، وقد جرت العادة بالتعبير عن الكلّية الاولى « بالطرد » ومن لوازمه كون الحدّ مانعا ، وعن الكلّية الثانية « بالعكس » ومن لوازمه كون الحدّ جامعا ، فالطرد والعكس بحسب أصل الاصطلاح وصفان لهاتين الكلّيتين لا للحدّ ، بخلاف « المنع » و « الجمع » المعتبرين وصفين لنفس الحدّ ، ولو فسّر الطرد بكون الحدّ مانعا والعكس بكونه جامعا كان تفسيرا باللازم.
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٦ ( الطبعة الحجرية ).
(٢) مغني اللبيب : ص ١٠٢.