أسامي لملكاتها ، حذرا عن البينونة فيما بين المعرّف والمعرّف وهو خلاف التحقيق ، بل هي أسامي لنفس المسائل أو التصديق بها ، وأيّا ما كان فلا يجوز أخذ جنس الحدّ بمعنى الملكة ، وعليه يدفع الإشكال المشهور المتقدّم بحمل « الأحكام » على الاستغراق العرفي دون الحقيقي ، بإرادة جملة منها يعتدّ بها بحيث تكون كافية في ترتّب الثمرة المطلوبة وحصول الغاية المقصودة من وضع الفنّ ، وهذه المناقشة يستفاد من كلام بعض الأفاضل (١) لكن يدفعها التحقيق المتقدّم (٢) في أسامي العلوم ومعه لا مناص من حمل « العلم » على الملكة.
[٢٤] قوله : ( وهو أن يكون عنده ما يكفيه في استعلامه من الماخذ والشرائط ، بأن يرجع إليه فيحكم ... الخ )
واعلم أنّ التهيّؤ للعلم بالجميع عبارة اخرى لملكة العلم بالجميع بالمعنى المتقدّم ، وهو الحالة النفسانيّة الناشئة عن الممارسة في الفنّ واستحضار مسائله ومبادئه ، على نحو لم يكن بينها وبين الإدراك الفعلي حالة منتظرة إلاّ مراجعة الماخذ والمبادئ ، وإنّما تحصل تلك الحالة باجتماع جميع ما له مدخل في الإدراك ، من الشروط والعلل الناقصة الّتي هي بالقياس إلى العلّة التامّة أجزاء ، إلاّ الجزء الأخير منها أو ما يقرب من الجزء الأخير.
ثمّ إنّ لفظة « من » في عبارة قوله : « من الماخذ » ظاهرها كونها بيانا لكلمة « ما » بناء على أنّ المراد « بالشرائط » ما يعمّ الملكة ، وكونها صلة « ليستعلم » احتمال يزيّفه عطف « الشرائط » بملاحظة أنّها لا يستعلم منها كالماخذ ، بل هي ممّا يستعلم بها ، وبعد في العبارة نوع تشويش يظهر وجهه بالتأمّل.
[٢٥] قوله : ( وإطلاق العلم على مثل هذا التهيّؤ شائع في العرف ... الخ )
إشارة إلى دفع ما يناقش أيضا ، من أنّ « العلم » بمعنى الملكة مجاز معيب أخذه كالمشترك في الحدود.
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٨ ( الطبعة الحجرية ).
(٢) تقدّم في التعليقة الرقم ١ ، الصفحة : ٢٠.