وفيه : مع أنّ المجاز مع إمكان ما لا يستلزمه ممّا لا معنى للمصير إليه ، مع قضائه بانتقاض العكس بخروج الشكّيّات الّتي يرجع فيها إلى الاصول وهو فقيه بالنسبة إليها جزما ، ولا يمكن اندراجها في أحد فردي هذا المعنى وهو الجزم ، لأنّها أحكام معلومة في مرحلة الظاهر ، لأنّ مبنى الإشكال على أخذ « الأحكام » بمعنى الواقعيّة والتزام التصرّف في « العلم » لدفعه تقريرا للحمل على هذا المعنى إنّه يرد عليه باعتبار الفرد الاخر من هذا المعنى ـ وهو الظنّ ـ ما ورد على سابقه ، على تقدير أن يراد من الظنّ ما هو ملزوم الحجّية ، على معنى ما يستلزم صيرورة متعلّقه أحكاما واقعيّة أو صيرورته أحكاما فعليّة ، فإنّ الأوّل تصويب والثاني أخذ للوسط عارضا للنسبة في النتيجة.
ومنها : ما صنعه غير واحد من اعتبار وجوب العمل ، الّذي اضطربت الأفهام في توجيهه ، فقد يحتمل كون المراد اعتباره في مفهوم « الأحكام » بأن يراد منها ما يجب العمل به ، فيكون حاصل معنى الحدّ : إنّ « الفقه » هو العلم بالأحكام على أنّها ما يجب العمل بها لا على أنّها أحكام واقعيّة ، فإنّ الشيء قد يجتمع فيه حيثيّتان ، كونه ظنّيّا باعتبار إحداهما لا ينافي كونه علميّا باعتبار الاخرى ، كما يظهر بالتأمّل.
وقد يقال : إنّ المراد اعتباره من باب الإضمار ، فالفقه : هو العلم بوجوب العمل بالأحكام.
والمستفاد من بعض الأعلام (١) تارة : اعتباره علاقة للتجوّز في لفظ « العلم » بإرادة الظنّ ، إذ « العلم » كما أنّ معناه الحقيقي ممّا يجب العمل به ، فكذلك معناه المجازي الّذي هو الظنّ ، فهو استعارة له بتلك العلاقة ، كما أنّه على المذهب المتقدّم من حمله على الظنّ إستعارة له بعلاقة رجحان الحصول ، واخرى : اعتباره في مفهوم « العلم » بأن يراد منه ما يجب العمل به ، ولعلّه راجع إلى سابقه بكون
__________________
(١) وهو المحقّق القمّي رحمهالله في بعض حواشيه على القوانين ٨ : ١ في ذيل قوله : ومنها أنّ المراد به وجوب العمل ... الخ.