التخصّص ، كما قد يقال ذلك في لفظ « ابن عبّاس » وغيره فإنّ تعيين « ابن عبّاس » في « عبد الله » لا ينافي أن يكون كلّ من لفظي « ابن » و « عبّاس » وغيره مستعملا في معناه الحقيقي ، إذا كان التخصيص المذكور حاصلا من جهة غلبة إطلاق ذلك المركّب على خصوص ذلك الفرد ، وقد تعيّن ذلك اللفظ بملاحظة معناه التركيبي لخصوص ذلك الفرد ، ويجري ذلك في لفظ « الرحمن » بعد اختصاصه لله تعالى من جهة الوضع الطاري ، فإنّ معناه الوصفي ملحوظا فيه أيضا وليس اسما لنفس الذات ، فالقول بمثل ذلك في « اصول الفقه » غير بعيد أيضا ، وحينئذ فلا بدّ من ملاحظة معناه التركيبي في معناه العلمي أيضا ، ممّا لا يصغى إليه.
وبما ذكر يظهر ضعف ما ادّعى من كون لفظ « الاصول » حين إضافته إلى « الفقه » علما لهذا العلم على وجه يكون التقييد داخلا والقيد خارجا.
واستظهره بعض الأفاضل (١) من صاحب الوافية ، وجعله ممّا قد يشير إليه ظاهر الإطلاقات ، وعلّله بأنّه لا يبعد كون معنى « الفقه » مقصودا في استعمالات « اصول الفقه » فإنّ ذلك أيضا ممّا يكذّبه التبادر المقطوع به المتقدّم ذكره ، بل ظاهر الإطلاقات يأبى عن ملاحظة معنى « الفقه » حين الإطلاق ، كيف وهو مبنيّ على كون المعنى التركيبي الإضافي مأخوذا مع المسمّى العلمي ، وقد عرفت منعه.
وبالتأمّل في ذلك يظهر فائدة الفرق بين الوجهين الأخيرين ، فإنّ ثاني هذين الوجهين يستدعي كون المنقول هو مجموع هذا اللفظ المركّب المستلزم لعدم إرادة شيء من معنيي الجزئين عند الإطلاق كما هو كذلك حسبما بيّنّاه ، بخلاف أوّلهما فإنّ ذلك لا يستقيم إلاّ مع اختصاص النقل الطاري بالجزء الأوّل من المركّب مقيّدا مع خروج القيد ، المستلزم لبقائه على معناه الأصلي.
وبذلك يظهر الفرق بينهما من وجه اخر باعتبار المعنى ، وهو أنّ المنقول إليه على أوّل الوجهين ما هو من أفراد المبتنى عليه الكلّي ، باعتبار أنّه الذات الّتي يبتنى عليها غيرها.
__________________
(١) المصدر السابق.