هذا القسم من الأعراض كسابقه كثير شائع في العلوم ، ولم يقل أحد بكون وروده فيها من باب الأعراض الغريبة.
ألا ترى أنّ الإعراب والبناء يبحث عنهما في النحو ، الّذي موضوعه « الكلمة » وهما لا يعرضانها إلاّ بواسطة أنواعها من الاسم وأخويه ، فيقال : « الأصل في الاسم الإعراب في الفعل والحرف البناء » فالضاحك في المثال المتقدّم إذا اخذ منفردا وإن كان من اثار نوع الجسم المطلوبة له ، فيكون بهذا الاعتبار بالقياس إلى الجسم من الأعراض الغريبة ، غير إنّه إذا أخذ مع مقابلاته على وجه يكون المأخوذ محمولا هو الأمر المردّد ، كان من اثار الجسم المطلوبة له ، فيكون بهذا الاعتبار من الأعراض الذاتيّة ، ولا منافاة بين الاعتبارين وقد سبق بعض ما يتعلّق بهذا المقام.
وثانيهما : ما يلحق الشيء لأمر يساويه ، على معنى مساواته في الوجود ، والمساوي بهذا المعنى إمّا داخل في الشيء كالجزء ، أو خارج عنه مساو له في الحمل أيضا مطلقا ، أو إذا اخذ على التقابل ، أو غير مساو له ، فإنّ الكلّ بالقياس إلى الموضوع يندرج في الأعراض الذاتيّة بالمعنى المتقدّم.
أمّا الأوّل : كالعارض له بواسطة فصله كالمتعجّب العارض له بواسطة الناطق ، فلأنّه وإن كان أوّلا وبالذات يعرض الفصل غير أنّه لاختصاص الفصل به يصحّ عدّه من اثاره المطلوبة له ولوازمه المختصّة به ، فيصحّ بذلك إدراجه في مباحث العلم الّذي هو موضوعه ، بخلاف ما لو عرضه العارض بتوسّط جزئه الأعمّ ، وهو الجنس ، كالتحرّك للإنسان بواسطة الحيوان ، فإنّه ليس من الأحوال المختصّة بالإنسان فلا يطلب من العلم الّذي موضوعه الإنسان.
وأمّا الثاني : كالضاحك بالقوّة العارض له بواسطة المتعجّب ، فلأنّ الواسطة لكونها من مختصّاته فيختصّ به ما يختصّ بها ، فيصحّ عدّه من الاثار المطلوبة له.
وأمّا الثالث : كمحمولات أنواع الموضوع العارضة له على الوجه المتقدّم ، فلما تبيّن وجهه.