[٣٩] قوله : ( اللفظ والمعنى إن اتّحدا ... الخ )
واعلم ، أنّ كلاّ من الاتّحاد والتكثّر وصف يجري في كلّ من اللفظ والمعنى ، وبذلك يحصل بينهما نسبة دعتهم إلى تنويع الألفاظ المنتسبة إلى معانيها باعتبار هذين الوصفين إلى أربعة أنواع ، يضبطها كونهما معا متّحدين أو متكثّرين ، أو المعنى متّحدا مع تكثّر اللفظ ، أو اللفظ متّحدا مع تكثّر المعنى ، فالمقسم هو اللفظ باعتبار نسبته إلى المعنى بالاتّحاد والتكثّر ، ولذا عنون العلاّمة في النهاية (١) بحث هذا التقسيم بقوله : « البحث الخامس : في نسبة اللفظ إلى المعنى ... الخ » وعلى طبقه ما في المنية (٢) ببيان أوضح ، قائلا : ـ بعد نقل عبارة التهذيب المشتملة على التنويع : ـ هذا هو التقسيم الثالث من تقاسيم الألفاظ ، وهو باعتبار نسبتها إلى معانيها بالاتّحاد والتعدد ... الخ.
والمراد باللفظ في هذا التقسيم ما من شأنه أن يقصد منه المعنى ، المأخوذ معه طرفا للنسبة المذكورة وإن لم يكن تامّا ، كالهيئة أو المادّة المجرّدتين في الألفاظ الموضوعة بنوع هياتها أو موادّها ، كما أنّ المراد بالمعنى هاهنا ما من شأنه أن يقصد من اللفظ ، وإن لم يكن ممّا وضع له ذلك اللفظ.
ومن المعلوم أنّ الشأنيّة المأخوذة في كلّ من اللفظ والمعنى وصف فيهما لا يتأتّي إلاّ بأحد أمرين ، الوضع والعلاقة المرخّص فيها ، فإذا وضع لفظ لمعنى نوعا أو شخصا كان من شأنه أن يقصد منه ذلك المعنى ، ومن شأن المعنى أن يقصد من ذلك اللفظ ، كما أنّه إذا حصل بين ما وضع له اللفظ وغيره علاقة مرخّص فيها كان من شأن اللفظ أن يقصد منه هذا المعنى الغير الموضوع له ، ومن شأن هذا المعنى أن يقصد من اللفظ.
ومن هنا جرت عادتهم بأخذ الحقيقة والمجاز من أقسام بعض أنواع هذا التقسيم ، وكما أنّ النسبة ملحوظة هنا بين اللفظ ومعناه وكذلك ملحوظة بينه وبين
__________________
(١) نهاية الوصول إلى علم الاصول : الورقة ١٧ ( مخطوط ).
(٢) منية اللبيب في شرح التهذيب : الورقة ٢٦ ( مخطوط ).