الجزئي ، لأنّ المأخوذ في تعريفه إنّما هو امتناع تقدير الصدق لا مجرّد امتناع الصدق.
وإلى ذلك ينحلّ ما قيل في الذبّ عن الإشكال الأخير ، من إمكان تصحيح الحدّ بالفرق بين استحالة الفرض وفرض المستحيل ، والمذكور في الحدّ هو امتناع الفرض ، والممتنع في الكلّي المفروض إنّما هو المفروض دون الفرض.
والعجب عن الفاضل المتقدّم ذكره أنّه مع علوّ شأنه في الفنّ غفل عن حقيقة مفاد العبارة ، فدفعه بقوله : وفيه ما لا يخفى ، نظرا إلى امتناع تجويز العقل ذلك في بعض الكلّيات ممّا يكون امتناع صدقه على الأفراد ضروريّا « كاللاشيء » و « الممتنع » وأيضا يلزم اختلاف حال المفهوم في الكلّية والجزئيّة باختلافه في التجوّز المذكور ، فإنّه قبل قيام البرهان على امتناع صدقه على كثيرين يندرج في الحدّ المذكور ، وبعد قيام البرهان عليه عند العقل يخرج عنه. انتهى (١).
وفيه ما لا يخفى ، أوّلا : من عدم تعلّقه بالقول المذكور ، فإنّه وارد على تقدير أخذ « الفرض » بمعنى التقدير ، وما ذكره في دفعه ـ على فرض تماميّته ـ مبنيّ على أخذه بمعنى تجويز العقل.
وثانيا : من عدم لزوم الالتزام بأخذ هذا المعنى ، فإنّ الحدّ ـ على ما قرّرناه ـ يستقيم على تقدير الأخذ بمعنى التقدير ، وكان الباعث على عدوله عن هذا المعنى إلى ما أخذ به ، توهّم قضائه بفساد حدّ الجزئي حينئذ ، لجريان الوجه المذكور في الجزئي أيضا ، والتقدير بالمعنى المزبور ممّا يصحّ فرضه فيه أيضا ، إذ لو قدّر في الخارج كثيرون كان الجزئي صادقا على الجميع فينقلب الجزئي كليّا ، ويلزمه انحصار المفاهيم في الكلّيات ، وهذا مع أنّه واضح الفساد بنفسه يقضي بأن لا توجد لحدّ الجزئي مصداق.
ويدفعه : أنّ الجزئي إنّما يصير جزئيّا لخصوصيّة المتعيّنة الّتي بها يمتاز عن جميع ما عداه.
__________________
(١) هداية المسترشدين : ١٨ ( الطبعة الحجرية ).