المستتبع له ، أنّ الكلّي مفهوم يؤخذ لا بشرط شيء من جميع التعيّنات الخارجيّة وهو صالح لها بأجمعها ، ومن حكمه أنّه إن اخذ في القضيّة بهذا الاعتبار فالحمل يقتضي أن يلحقه باعتبار كون موضوعها ذاتا متعيّنة في الخارج نحو من التعيّن الّذي هو من جملة التعيّنات المذكورة ، مع بقائه على وصف اللابشرطيّة بالنسبة إلى سائرها ، كما هو قضيّة كون اللابشرط ممّا لا ينافيه ألف شرط.
ثمّ إذا اخذ في قضية اخرى قضى الحمل أيضا بتعيّنه بموضوع تلك القضيّة بنحو اخر من التعيّن ، مع بقائه على الوصف أيضا وهكذا إلى أن يحصل له جميع التعيّنات الصالحة له من دون تمانع ، كما هو قضيّة أنّ اللابشرط يجتمع فيه ألف شرط ، وهذا هو السرّ في صدق القضايا كلّها بخلاف الجزئي ، فإنّه مفهوم لو اخذ بشرط تعيّن خاصّ غير صالح لسائر التعيّنات المضادّة له ، فإنّه لو اخذ في القضيّة وصحّ حمله لقضي باتّحاده مع موضوعها ذاتا ، على معنى كونه عينه من حيث إنّه ذات متعيّنه في الخارج ، فيبقى القضيّة الاخرى بلا محمول إلاّ بفرض الذات المذكورة محمولا فيها ، فيؤول الأمر إلى المحذور المذكور.
وقضيّة هذا الفرق كون الحمل في الأوّل متعارفيّا مقتضيا للاتّحاد في الوجود ، على معنى كون المحمول موجودا بوجود الموضوع الّذي هو وجود واحد مع قابليّته للتعدّد بحسب الذات ، وفي الثاني ذاتيّا مقتضيا للاتّحاد في الموجود على معنى اتّحاد ذاتي المحمول والموضوع ، لا في مجرّد وصف الوجود.
وأمّا على أخذه بمعنى التجوّز ، فلأنّ الصدق بمعنى الحمل المقتضي للاتّحاد مع كثيرين ، أو الاتّحاد الناشئ عن مطابقة النسبة في قضيّة الحمل على كثيرين ، إنّما هو بنفس قابليّة المفهوم له ، وهو لا ينافي عدم وجود كثيرين ولا استحالة وجوده ، والّذي يستحيله الضرورة في مثل الممتنع واللابشيء ، أو البرهان في شريك الباري وواجب الوجود ، إنّما هو وجود كثيرين لا صدق المفهوم على تقدير الوجود ، نظرا إلى قابليّته ، فالقضيّتان مختلفتان موضوعا ، ضرورة أنّ التجويز وارد على صدق المفهوم بنفسه ، والاستحالة متعلّقة بوجود كثيرين ،