يعبّر عنه بما تقدّم إن اعتبرناه مع قطع النظر عن موضوعها ، كما لو اعتبرنا « العالم » في القضيّة المذكورة مع قطع النظر عن زيد كلّي منطقي ، لأنّه الموضوع المبحوث عنه في المباحث المنطقيّة ، والمجموع من هذا الموضوع وذاك المحمول إن اعتبرنا كلاّ منهما مع انضمام الاخر إليه ، على معنى اعتبار الموضوع موصوفا بوصف المحمول كالحيوان الكلّي ، كما لو اعتبرنا زيدا بوصف العالميّة وقلنا : « زيد العالم » كلّي عقلي ، إذ لا تحقّق له إلاّ عند العقل.
ومن هنا بعد التأمّل يظهر ، أنّ هذا التقسيم لفظي إذ ليس فيما بين الأقسام المذكورة قدر جامع يكون مسمّى اللفظ بعنوان الحقيقة ، كما لا يخفى.
فلا بدّ من أن يراد بالمقسم ما يسمّى بالكلّي ، أو ما يطلق عليه الكلّي أو نحو ذلك وإن شئت قلت : إنّه من باب تقسيم المشترك اللفظي إلى معانيه.
وعليه فما في كلمات بعض الأعلام (١) عند الفرق بين الجنس والكلّي الطبيعي من توهّم أنّ الكلّي الطبيعي أخصّ من الجنس الّذي هو مرادف الكلّي الّذي هو أعمّ من الكلّي الطبيعي ، لانقسامه إليه وإلى غيره من القسمين الأخيرين ، ليس بسديد ، إذ ليس في التقسيمات اللفظيّة ما يكون أعمّ ليكون كلّ قسم أخصّ منه بعنوان الحقيقة ، مع أنّ الجنس إن فسّرناه بالماهيّة لا بشرط شيء كما هو مصطلحهم والمصرّح به في غير موضوع من كلامه ، لا ينطبق على الكلّي بالمعنى الّذي يقع عليه اسمه في قضيّة التقسيم ، بل إنّما ينطبق عليه الكلّي الطبيعي بالمعنى المشار إليه ، أعني الماهيّة من حيث هي هي الّتي ليست إلاّ هي ، فهما مترادفان لفظا ومتّحدان معنى.
ثمّ الكلّي الطبيعي إذا اضيف إليه الوجود فإمّا أن يضاف إليه في الذهن فلا إشكال ولا خلاف في وجوده ، سواء اخذ بنفسه أو باعتبار أفراده ، أو يضاف إليه
__________________
(١) قوانين الاصول ٢٠٣ : ١ ، حيث قال : « ... وليس كلّ جنس يكون كلّيا طبيعيّا ، فالجنس أعمّ ، فإنّ الكلّي الطبيعي معروض لمفهوم الكلّي ونفس الكلّي جنس ، فالجنس أعمّ مطلقا ... ».