من مقولة الجواهر والحدث (١) والأعيان ومشخّصاته من مقولة الأعراض ، ولازمه أن يحصل التشخّص في الشيء بانضمام ماهيّة إلى ماهيّة اخرى مغايرة لها ، كما في « زيد » المتشخّص بسواده وطول قامته ، فإنّه فرد من ماهيّة الإنسان كما أنّ سواده وطول قامته فردان من ماهيّتي السواد والطول.
فحينئذ إمّا أن يقال : بأنّ الموجود في الخارج هو التشخّص دون الطرفين ، أو الطرفان دونه ، أو هو مع أحدهما ، أو هو مع كليهما ، لا سبيل إلى الأوّل لاستحالة تخلّف المنتسبين عن الأمر النسبي كاستحالة تخلّف العلّة عن المعلول ، ولا إلى الثاني لاستحالة تخلّف الأمر النسبي عن منتسبيه كاستحالة تخلّف المعلول عن علّته ، فإنّه لازم قهري من تحقّق الطرفين فيستحيل انفكاكه عنهما ، مع أنّه لو صحّ وأمكن لكفى في ثبوت المطلوب ، ولا إلى الثالث لامتناع الترجيح من غير مرجّح مع استحالة تخلّف أحد طرفي النسبة كاستحالة تخلّف الطرفين معا ، مع أنّه لو صحّ وأمكن لكفى في الجملة ، فتعيّن الرابع وهو المطلوب ، فالفرد حينئذ هو الطبيعة المتشخّصة ، على وجه يرجع حاصله إلى شيء مركّب من الطبيعة والتشخّص على نحو دخل نفس التشخّص وخرج ما يوجبه.
لا يقال : قضيّة صحّة الفرض لزوم الدور ، لافتقار كلّ من الطبيعتين في التشخّص الملازم للوجود الخارجي إلى الاخرى ، لأنّ ذلك دور معي لا استحالة فيه ، لكون الطبيعتين في انضمام كلّ إلى الاخرى معلولتين لعلّة خارجة عنهما مشتركة بينهما ، فيكونان من قبيل المتلازمين في الوجود الخارجي ، اللذين لا توقّف بينهما ذاتا ، ولكلّ منهما وجود مغاير لوجود الاخرى ، فهما موجودين بوجودين متمايزين.
فإن قلت : كيف يصحّ ذلك ، مع ما قيل : من أنّه لا يحصل من انضمام كلّي إلى كلّي اخر إلاّ كلّي ثالث.
__________________
(١) كذا في الأصل.