والجواب : أنّ الجزئيّات إن اريد بها ما لا يدخل في حقيقتها مشخّصاتها ولا تشخّصاتها نختار الشقّ الأوّل ، ونمنع لزوم كون الجزئيّات بعضها عين البعض الاخر ـ مع تسليم كون كلّ جزئي فرض في الخارج عين الطبيعة الكلّية الّتي هي عين الجزئي الاخر ـ بضابطة أنّ مقدّمتي قياس المساواة في إنتاجهما يتوقّفان على صدق المقدّمة الخارجيّة المنضمّة إليها ، نظرا إلى أنّ إنتاجهما ليس لذاتهما.
ولا ريب أنّ الكلّية في مقدّمة « كون عين العين عينا » ليست بصادقة ، لوضوح أنّ العينيّة بالمعنى المراد من العينيّة المتحقّقة فيما بين الطبيعة الكلّية وكلّ من جزئيّاتها منتفية عمّا بين الجزئيّات ، بعد ملاحظة أنّ المراد بالطبيعة الكلّية ـ المحكوم عليها بكونها عين كلّ جزئي لها في الخارج ـ هو ما في الذهن الملحوظ بلا شرط. حتّى الوجود والتشخّص الملازم له ، فإنّ معنى العينيّة حينئذ إمّا صدق الطبيعة الملحوظة لا بشرط على الجزئي الخارجي على وجه يقتضي صحّة حملها عليه ، أو انطباق الجزئي الخارجي عليها بعدم اشتماله على ما ينافيها ، والكلّ حاصل فيما بين الطبيعة وجزئيّاتها الخارجيّة ، وإن اشتملت على الوجود والتشخّص ، فإنّ اللابشرط من حكمه صدقه على بشرط شيء ، منطبق عليه وإن يجتمع مع ألف شرط ، بخلاف الجزئيّات بأنفسها فإنّ الصدق فيما بينها مستحيل ، لاشتمال كلّ على شرط مغاير لما اشتمل عليه الاخر من الوجود والتشخّص ، ولأجل هذا بعينه ليس شيء منها منطبقا على الاخر لتضمّن كلّ ما ينافي الاخر.
وإن اريد بها ما لا يدخل فيها المشخّصات فقط وإن دخل فيها الوجود والتشخّص نختار الشقّ الثاني ، ونمنع كلّية الدعوى في تقدّم الجزء على الكلّ ، إن اريد به التقدّم الزماني كما هو قضيّة الاستدلال ، لجواز المقارنة ، فإنّ الفرد إذا كان هو الماهيّة مع الوجود كان أحد جزئيه هو الوجود والجزء الاخر فيه بمثابة يتحقّق الكلّ بمجرّد وجوده من دون تقدّم ولا تأخّر.
وقد بيّنّا سابقا أنّ الوجود من الطبيعة الموجودة بمنزلة الظرف من مظروفه ،