وقد يقرّر ذلك ، بأنّه إنّما يلزم ذلك مع انتفاء النقل رأسا ، وأمّا مع وجوده في النوع فلا ، وقد عرفت أنّ الالتزام بالنقل غير لازم.
واجيب أيضا مضافا إلى ما ذكر ـ : بأنّ المراد كونه عربي الاسلوب فلا ينافيه عدم عربيّة بعض كلماته ، وإلاّ ينقضه اشتماله على ما لا شبهة في عدم كونه عربيّا من الهندي والرومي والمعرّب كالمشكاة والقسطاس والسجّيل ، مع أنّه لو سلّمت الملازمة وبطلان اللازم معا فأقصاه كون مجازات القران منقولة من العرب دون غيرها.
وبالجملة ، قضيّة الدليل بعد تسليم مقدّماته تحقّق النقل في مجازات القران ، لا اشتراط المجاز كائنا ما كان بنقل الاحاد ، مضافا إلى توجّه المنع إلى بطلان اللازم ، لابتنائه على عود ضمير ( أَنْزَلْناهُ ) إلى القران بجملته ، وهو محلّ منع ، لجواز عوده إلى البعض المعهود منه من سورة أو اية ، ولا ينافيه تذكير الضمير بعد إمكان تطرّق التأويل إليهما بالمنزل أو المذكور أو نحو ذلك ، ولا وقوع البعض ممّا اطلق عليه القران بعد ملاحظة أنّه مشترك بين الكلّ والبعض على رأي ، أو موضوع للقدر المشترك بين الكلّ وكلّ بعض على رأي اخر ، وأجود الأجوبة ما قرّرناه.
وممّن وافقنا على هذا الجواب بعض الفضلاء المتقدّم ذكره ، قائلا : والتحقيق عندي أنّه لا حاجة في المجاز إلى الوضع والرخصة ، بل جوازه طبعي مبنيّ على المسامحة والتأويل في الوضع الأصلي ، حيثما يتحقّق بين المعنيين علاقة معتبرة عند الطبع ـ إلى أن قال ـ : ولا يلزم من ذلك خروج المجازات عن كونها عربيّة ، إذ يكفي في النسبة توقّفها على أوضاع عربيّة وابتنائها عليها ، وكذلك نسبة المجاز إلى سائر اللغات والاصطلاحات. انتهى (١).
تتمّة : قضيّة ما قرّرناه في تحقيق العلاقة وكون صحّة المجاز في مواقعه مبتنية
__________________
(١) الفصول : ٢٥.