ويدفعه : أنّ هذا التعريف في لحاظ معرّفه ناظر إلى الوضع بمعنى الصفة الراجعة إلى الواضع ، فما في الموضوعات التعيّنية ليس بداخل في المعرّف ليجب دخوله في التعريف.
غاية الأمر ، أنّه يبقى في المقام سؤال عن وجه إفراد الوضع بهذا المعنى بالتعريف دونه بالمعنى الأعمّ ، فأمكن له الجواب بالوجوه الثلاث المتقدّمة.
ويمكن دفع الاعتراض أيضا ، بحمل « التعيين » على التعيّن من باب ذكر الملزوم وإرادة اللازم الأعمّ ، فإنّ تعيّن اللفظ للمعنى قد يتسبّب عن التعيين بمعنى الجعل ، وقد يتسبّب عن شيوع الاستعمال مجازا.
لكن يضعّفه : أنّ أخذ المجاز في التعريف بدون قرينة موضحة للمراد فيه يخلّ بما هو المقصود منه ، من انكشاف حال المعرّف فيخرج التعريف معه معيبا ، ولا يعقل كون العلم بحقيقة المعرّف وتفصيله بحسب الخارج قرينة ، بعد ملاحظة أنّ المعرّف إنّما ينهض معرّفا للجاهل بالمعرّف ، وفائدة التعريف إنّما تظهر له سواء اريد بالعلم المذكور علم الجاهل أو علم غيره ممّن رتّب هذا التعريف ، فإنّ الأوّل مفض إلى الدور ، والثاني غير معقول ، وإلاّ للزم الاستغناء عن قرينة المجاز في جميع المجازات بعلم المتجوّز بإرادته المعنى المجازي ، هذا مع أنّ هذا الحمل يأباه « لام » الغاية الداخلة في الدلالة ، فإنّ مفادها كون ما بعدها مقصود لترتّب على ما قبلها فلا بدّ من قاصد ، ووضع التعيّن ما ينشأ من شيوع الاستعمالات المجازيّة ، ولا يعقل منها قصد الدلالة ، وكون « اللام » للعاقبة خلاف الظاهر.
لا يقال : إنّ الاستعمالات المجازيّة أفعال للمستعملين والقصد يتأتّى منهم ، لأنّ هذه الاستعمالات لكونها مجازيّة حصلت منهم بقصد الدلالة على المعنى بالقرينة ولو كانت شهرة ، فعلى فرض دخول الموضوعات التعيّنية في الجنس بالتأويل المذكور ، لزم خروجها بقيد « الدلالة على المعنى بنفسه ».
وبذلك يظهر ضعف ما أفاده بعض الأجلّة (١) في دفع الاعتراض : « من أنّهم
__________________
(١) هو السيّد مهدي بحر العلوم في شرحه على الوافية.