النحو » وما أشبه ذلك فهو غير مجد ، لاستناده إلى أمر اخر غير الوضع ، والبواقي ترجع إلى إثبات استعمال لا يصلح دليلا على الحقيقة ، مع أنّه في جميع الموارد المذكورة حتّى في مثل « فلان يعلم النحو » استعمال مع القرينة كما يظهر بأدنى تأمّل ، مع أنّه في بعضها ليس استعمالا في المسائل فقط ، بل في المجموع منها ومن المبادئ والموضوعات كما في العبارة الاولى بدليل التدوين ، وفي بعضها استعمال في أمر مبائن كما في العبارة الثانية ، لوضوح أنّ المكتوب المشار إليه هو النقوش الحاكية عن المسائل لا أنّها نفس المسائل ، ولئن سلّمنا أصل الاستعمال بل شيوعه أيضا ـ كما أشرنا إليه ـ فهو لا يقاوم التنصيص المستفاد من الحدود ، والجمع بينهما بالتزام الاشتراك بين المسائل والتصديق بها بعيد ، مع أنّ المجاز خير منه.
وبجميع ما ذكر ظهر ضعف القول بكونها للملكات ، وممّا يزيّفه أيضا : إنّ من القواعد اتّصاف الاسم باعتبار المسمّى بما يتّصف به المسمّى من الصفات اللاحقة به ، كزيد المتّصف بما يتّصف به مسمّاه من الطول والقصر والعالميّة والشاعريّة ونحوها ، والمقام على تقدير الوضع للملكة ليس بتلك المثابة ، لاتّصاف الملكة بصفات كالشدّة والضعف والقوّة والوهن مع عدم اتّصاف الاسم من جهتها بها ، لغرابة أن يقال : « الفقه القوي ، أو الشديد ، أو الضعيف ».
وقضيّة ذلك عدم كونه اسما للموصوف بهذه الصفات ، مع أنّه ليس له وجه يعتمد عليه إلاّ توهّم تبادر الملكة منها عند الإطلاق ، كما في « فلان فقيه ، أو حكيم ، أو متكلّم ، أو نحوي ، أو اصولي » حيث لا يتبادر منها إلاّ كونه ذا ملكة.
ويؤيّده ، بل يدلّ عليه : أنّ الفنون المدوّنة ليست إلاّ كسائر الحرف والصنائع ، وإن امتازت عنها بما فيها من الشرافة وعلوّ المرتبة ، بل هي صنائع علميّة وغيرها صنائع عمليّة.
ومن المقرّر المعلوم بالاستقراء المصرّح به في كلام غير واحد ، كون ألفاظ سائر الحرف والصنائع مع الألفاظ المشتقّة منها بأسرها أسامي لملكاتها ، من دون اعتبار التلبّس والاشتغال بالمبدأ الحالي في مسمّياتها ، وكذلك ألفاظ الصنائع