المحصول (١) وحكاه في النهاية (٢) عن جمهور المحقّقين واستقربه ، وإن قوّى القول بالتوقيف أيضا (٣) ، فقالوا بإمكان الجميع عقلا ، وفقدان ما يوجب العلم ببعض ما ذكر على جهة التعيين فلا بدّ من الوقف.
والسادس : إلى أكثر المتأخّرين منّا ومن العامّة ، وصار إليه ابن الحاجب (٤) وهو المعتمد تعويلا على ما سيجيء من اية اختلاف الألسنة ، وظاهر أنّ معقد هذا الخلاف ومورد تلك الأقوال هي الموضوعات الأصليّة الّتي لم يطرأها نقل ولا ارتحال ، ولا تطرّق إليها تغيير وإبدال ، وأمّا غيرها من المنقولات الشرعيّة والعرفيّة العامّة أو الخاصّة والأعلام الشخصيّة فلا ينبغي الاسترابة في كونها من موضوعات البشر ، وليس المراد بالوضع المتنازع في واضعه مجرّد تأليف الحروف المفردة وضمّ بعضها إلى بعض ، وإن أوهمه بعض الوجوه الاتية المقامة على التوقيف ، بل جعل المؤلّفات بإزاء معانيها ، ولو قيل بالملازمة بين التأليف والجعل ، على معنى كون المؤلّف هو الواضع على كلا قولي التوقيف والاصطلاح لم يكن بعيدا ، فيكون النزاع في الجعل الّذي يلزمه النزاع في التأليف تبعا مع الاتّفاق على الملازمة ، وليس في المسألة أصل يعتمد عليه ، من أصل العدم وأصالة التأخّر ، للقطع بحدوث ما حدث ، والشكّ في تعيين محدثه من دون أن يرجع إلى بدو زمانه.
نعم قد يقرّر الأصل بمعنى الغلبة لكلّ من التوقيف والاصطلاح ، أمّا على الأوّل : فبناء على أخذ وضع اللغات من مقولة إيجاد الكائنات وخلق الموجودات.
وأمّا على الثاني : فبناء على جعله من مثابة تأليف الموادّ البسيطة الّتي أصل
__________________
(١) المحصول في علم الاصول ٨٢ : ١.
(٢) نهاية الوصول إلى علم الاصول : الورقة : ١٥ ( مخطوط ) حيث قال : والجمهور من المحقّقين توقّفوا هنا وهو اختيار القاضي أبي بكر والغزّالي.
(٣) نفس المصدر.
(٤) حيث قال : فالأقرب التوقف وتجويز كلّ منهما وإن كان التوقيف أقوى. ( نهاية الوصول إلى علم الاصول ) : الورقة ١٦ ( مخطوط ).