بل لا بدّ من تقدير عود الضمير إلى ذوي العقول منها ، وحينئذ يلزم في الأسماء مجاز اخر باعتبار الهيئة زيادة على ما لزم منه فيها باعتبار المادّة.
ولا ريب أنّ الالتزام بهما من دون ما يقضي من القرائن باعتبار شيء منهما في الكلام خروج عن القواعد اللفظيّة ، وكون كلّ شيء من الموجودات حتّى الأحجار والحيوانات العجم بحسب استعداده وفي حدّ ذاته ذا عقل وشعور يعرف به بارئه ويسبّح من جهته خالقه على ما نطق به بعض الايات وورد عليه بعض الروايات ، لا يجدي نفعا في التفصّي عن الإشكال بالنسبة إلى الهيئة ، بدعوى : عدم الحاجة إلى إخراج المسمّيات عن إطلاقها اكتفاء بما ذكر من العقل والشعور ، لعدم كون هذا النحو من العقل معتبرا في نظر أرباب الفنّ بالنسبة إلى قواعدهم المقرّرة في باب الألفاظ ، مع أنّ التصرّف في المادّة بالحمل المذكور ممّا يأباه الضمير في « كلّها » مع عدم تحملّه إلاّ العود إلى « الأسماء » فلو لا المراد بها الألفاظ لوجب أن يقال : كلّهم. فالاختلاف بينه وبين الضمير في « عرضهم » قرينة واضحة على تغاير مرجعيهما ، وعليه يتعيّن كون « الأسماء » مرادا بها الألفاظ ، وضمير « عرضهم » مرادا به المدلول عليه بالالتزام ، إمّا بتأويله إلى إرادة الخمسة الطاهرة من أهل العصمة ، أو الأربعة عشر المعصومين بأجمعهم عليهمالسلام ، أو كافّة الأنبياء والأوصياء وغيرهم من الأولياء ، أو ما يعمّهم وعتاة أعداء الله تعالى على ما نطق به بعض الروايات المتقدّمة من كون المراد بالأسماء ما يعمّ أسماءهم ، بل في تفسير الإمام عليهالسلام ما يقضي باختصاص « الأسماء » هنا بأسمائهم ، حيث قال : ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها )(١) أسماء أنبياء الله ، وأسماء محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ، والطيّبين من الهما ، وأسماء أخيار شيعتهم ، وعتاة أعدائهم ، ثمّ عرضهم أي عرض محمّدا وعليّا والأئمّة على الملائكة ، أي عرض أشباحهم وهم أنوار في الأظلّة ، فقال : ( أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ )(٢) انتهى كلامه.
__________________
(١) البقرة : ٣١.
(٢) البقرة : ٣٣.