وثانيا : بعد تأخّر حدوث تلك اللغة عن غيرها ، مع اشتمالها من الفصاحة وغيرها من الدقائق المحكمة واللطائف المتقنة على ما لم يشتمل عليه غيرها.
وثالثا : ما في بعض النصوص على ما حكاه السيّد الجليل من أنّ أوّل من تكلّم بالعربيّة ادم عليهالسلام.
ورابعا : ما ذكره السيّد أيضا من أنّ الحميريّين والعمالقة وقوم ثمود وعاد كلّهم من العرب ، وقد كانوا قبل إسماعيل بمدّة متطاولة ، نعم ال أدنان ـ وهم طائفة من العرب ـ من ولد إسماعيل.
وأمّا اشتهار هذه الحكاية فيمكن توجيهه : بأنّ ذرّية ادم عليهالسلام كانوا بأجمعهم عالمين بجميع تلك اللغات ، فلما تفرّقوا في أكناف الأرض اختار كلّ قوم منهم لغة فتكلّموا بها ، وكان ما اختاروه غير لغة العرب فبقيت غير مشهورة إلى زمان إسماعيل ، ثمّ اشتهرت في زمانه وتكلّم أولاده بها ، فتوهّم أنّها إنّما حدثت في زمانه. كما يمكن توجيهه أيضا : بأنّ ادم رخّص كلّ طائفة من ولده بتعلّم لغة ، فلمّا تفرّقوا وانتشروا في أكناف الأرض كان أهل اللغة العربيّة ضعفاء قليلين غير معروفين إلى زمان إسماعيل ، فتكثروا في ذلك الزمان واشتهروا فاشتهرت لغتهم ، فتوهم الاخرون أنّها محدثة ، هكذا قيل.
نعم يمكن الإيراد عليه : بأنّ غاية ما يدلّ عليه الاية بعد اللتيا والّتي ، كون الأسماء بالمعنى المذكور ممّا علّمه الله تعالى ادم عليهالسلام ، وأمّا كون وضعها من الله تعالى كما هو المطلوب أو من غيره فهي ساكتة عنه ، فيجوز أن يكون المراد « بالأسماء » ما وقع من ولده من الاصطلاحات واللغات ، لمكان علمه تعالى به وتساوي علمه بالقياس إلى الماضي والحال والاستقبال ، أو من خلق سابق عليه ، بناء على ما يستفاد من النصوص من وجود خلق اخر قبله.
وقد نقل عن عليّ بن إبراهيم أنّه روى في تفسيره في الصحيح أو الحسن كالصحيح عن مولانا الصادق عليهالسلام أنّه قال : إنّ الله تبارك وتعالى أمر الملائكة بالسجود لادم عليهالسلام ، فدخل في أمر الملائكة إبليس ، وأنّ إبليس كان مع الملائكة