كخلق أصوات أو علم ضروري ، أو بالوحي إلى نبيّ غير رسول ، بناء على كونه أعمّ من الرسول ، أو إلى الرسول قبل بعثه للرسالة إلى قومه ، إمّا لفقدهم كما في ادم عليهالسلام بعد خلقته إلى أوائل هبوطه إلى الأرض أو لعدم كونه مأمورا بتبليغ الأحكام ، بناء على أنّ الرسول هو الرجل المبعوث لتبليغ الأحكام ، فيجوز أن يوحى إليه باللغة قبل البعثة ، ثمّ ارسل للتبليغ فيصدق قوله : ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ ) لأنّه لا يسمّى قبل البعثة رسولا وإن اوحى إليه اللغة.
وثانيهما : أنّ اللغات لو كانت توقيفيّة لكان إيقافه إلى المخلوق إمّا بخلق علم ضروري بأنّه تعالى وضع تلك الألفاظ لمعانيها أو لا ، وكلاهما فاسدان.
أمّا الأوّل : فلأنّ خلق ذلك العلم الضروري إمّا في العاقل أو غيره ، والأوّل باطل لاستلزامه أن يكون العلم به ضروريّا ، أمّا الملازمة : فلأنّ وضعه اللغات وصف له ، والعلم بالصفة مسبوق بالعلم بالموصوف وفرع له ، فالعلم الضروري بالوصف يستلزم أن يكون العلم بالموصوف أيضا كذلك ، والتالي باطل لاستلزامه ألايكون المعرفة مكلّفا بها ، وبطلانه ممّا يشهد به العيان وضروريّة فساده كفت عن إقامة البرهان ، وكذلك الثاني لامتناع أن يخلق في غير العاقل علما ضروريّا بالألفاظ ومناسباتها وتراكيبها العجيبة.
وأمّا الثاني : فلافتقار السامع حينئذ في كون ما سمعه موضوعا بإزاء معناه إلى طريق ، فننقل الكلام إليه فإمّا يدور أو يتسلسل ، وكلاهما محالان.
وفيه : أنّ خلق العلم الضروري بالوضع من دون أن يستتبع محذورا ممّا يشهد بإمكانه العيان الغير المفتقر إلى البيان ، ودعوى قضائه بضروريّة العلم به تعالى استنادا إلى كون وضع اللغات وصفا له والعلم بالصفة مسبوق بالعلم بالموصوف وفرع له ، ويلزم منه عدم كون المعرفة مكلّفا بها كلام ظاهري لا يلتفت إليه ، فإنّ المسبوق بالموصوف إنّما هو نفس الصفة في تحقّقها الواقعي ووجودها الخارجي ، وأمّا معرفتها الّتي هي عبارة عن تحصّلها الذهني فليست مسبوقة بمعرفة الموصوف ، ولا موقوفة عليها ما لم تؤخذ إضافتها إليه ، على أنّ الوضع من مقولة