أو في الأصل كان كذا » وأنت إذا تأمّلت في موارد إطلاق هذا اللفظ لوجدته أغلب استعمالا في هذا المعنى.
ومنه ما في كلام أهل الصرف عند اعلال الكلمات ، من أنّ اللفظ الفلاني أصله كذا أو في الأصل كذا فصار كذا ، ولعلّه عليه مبنى ما في عرف الاصوليّين من إطلاقه على الاستصحاب ، لما اعتبر عندهم فيه من وجود الحالة السابقة ، الّتي هي الحالة الأوّلية في الشيء.
والعجب أنّهم اقتصروا في هذا المقام على ذكر المعنى الاتي ، وتركوا هذا المعنى إلاّ قليل منهم ، مع كونه أشيع والاستعمال فيه أغلب.
وثانيها : ما ذكره الأكثر من الخاصّة والعامّة ، من أنّه ما يبتنى عليه غيره ، كما حكى التصريح به عن أبي الحسين البصري (١) ومنه أصل الجدار وأصل الشجر ، وكون مشيئة الله أصلا في الأشياء.
ومن هنا يعلم أنّ الابتناء المأخوذ في هذا المعنى ، أعمّ من كونه على نحو العلّية التامّة ، أو السببيّة باصطلاح الاصولي للحدوث أو البقاء.
نعم لا يطلق الأصل بهذا المعنى على ما هو من قبيل الشروط والمعدّات وغيرها من العلل الناقصة.
وقد أفرط في هذا المقام الامدي (٢) في محصوله ـ على ما حكي عنه ـ وكذلك في منتخبه.
وعن صاحب التحصيل (٣) أيضا من تفسيره بالمحتاج إليه ، فإنّه بحسب المفهوم يشمل ما لو كان من قبيل الشروط وغيرها ، إلاّ أن يراد به ما يرجع إلى
__________________
(١) شرح الإشنوي : ٢٦.
(٢) هو : عليّ بن أبي عليّ بن محمّد بن سالم الثعالبي ، سيف الدين الامدي ، الفقيه الاصولي المتكلّم ، صاحب كتاب « الإحكام في اصول الأحكام » توفّي سنة ٦٣١ ه ، انظر ( شذرات الذهب ٥ / ١٤٤ ـ وفيات الأعيان ٢ / ٤٥٥ ).
(٣) انظر : التحصيل ـ لسراج الدين الارموي ١ : ١٦٧.