تفسيره بفهم الأشياء الدقيقة (١).
وعن بعض الفضلاء (٢) أنّه : التوصّل إلى علم غائب بعلم شاهد ، والظاهر أنّ مراده العلم الحاصل بطريق النظر ، مع احتمال اختصاصه بالعلم التصديقي كما هو الظاهر ، فيكون المراد بالعلم الشاهد خصوص الحجّة ، أو عمومه للعلم التصوّري ، فيراد بالعلم الشاهد ما يعمّ المعرّف أيضا ، وقوّة الظنّ بل الجزم في جانب الأوّل ، وعلى طبقه ورد استعمالات الكتاب والسنّة على حدّ الكثرة.
منها : قوله عزّ من قائل : ( لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً )(٣) وقوله أيضا : ( وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )(٤) وقوله عليهالسلام : أنتم أفقه الناس ـ إلى ـ عرفتم معاني كلامنا ... الخ.
وأمّا التفاسير الاخر المتضمّنة للخصوصيّات المعلومة فإن رجعت إلى الأوّل بدعوى : ورودها لإرادة المثال من دون إرادة مدخليّة الخصوصيّات في المسمّى اللغوي فهو ، وإلاّ فلا يلتفت إليها.
وأمّا « الفهم » : فهو أيضا ممّا اختلفت كلمتهم في تفسيره ، فمنهم من فسّره بالإدراك المطلق ، المتناول لكلّ من التصوّر والتصديق ، وهو المتبادر من إطلاقاته الجارية على لسان العرف كما يظهر للمتتبّع.
ومنهم من فسّره بالعلم ، ولعلّه راجع إلى الأوّل ، لاحتمال إرادة ما يعمّ التصوّر من العلم وإن كان خلاف الظاهر.
ومنهم من فسّره بجودة الذهن من حيث استعداده لاكتساب المطالب من المبادئ.
__________________
(١) الفقه في اللغة فهم ما دقّ وغمض. شرح اللمح ( ١ : ١٥٧ ) ـ شرح اللمع للشيخ أبو إسحاق الشيرازي وهو إبراهيم بن عليّ بن يوسف ، جمال الدين الشيرازي. أحد أعلام الشافعيّة ، من أهمّ مؤلفاته في الاصول « اللمع » وشرحه ، والتبصرة. توفّي سنة ٤٧٦ ه. ( انظر : وفيات الأعيان ١ / ٩ ـ شذرات الذهب ٣ / ٣٤٩ ).
(٢) حكى في الفصول عن مفردات الراغب : ١.
(٣) الكهف : ٩٣.
(٤) الإسراء : ٤٧.