التعريف ظاهر عرفا ولغة في الوجودي الاختياري الصادر من الجوارح ، فيخرج منه ما عدا النوع الأوّل.
ويمكن دفعه أيضا : بأنّ « العمل » هنا ـ على ما عرفت ـ مرادف « للفرع » المقابل « للأصل » المصطلح عندهم في الاعتقاد ، المنقسم إلى المعارف الخمس وما يلحق بها ، وينبغي أن يكون الفعل المأخوذ موضوعا للفقه مرادفا لهما.
وقد ذكرنا سابقا أنّ « الفرع » اصطلاح للمتشرّعة فيما يقابل الاعتقاد ، وليكن مرادفاه أيضا كذلك ، وهو بهذا الاعتبار يشمل جميع الأنواع المذكورة ، والجامع لها الأمر الغير الاعتقادي الّذي يصحّ عرفا أن يسند إلى المكلّف نفسه ، وهذا كما ترى صادق على الجميع ، فينبغي أن يكون هذا هو المعنى المصطلح عليه ، ولا ينافيه الظهور المدّعى بحسب العرف واللغة فيما هو أخصّ منه ، لأنّ هذا ظهور أوّلي والعبرة بالظهور الثانوي الناشئ من الاصطلاح بقرينة المقابلة ، لكن ينبغي أن يراد من « المكلّف » هنا ما من شأنه أن يكون مكلّفا ، ليشمل التعريف عبادات الصبيّ ـ بناء على شرعيّتها ـ وحيث إنّ « المكلّف » مأخوذ هنا فيخرج به ما يتعلّق بأفعال الباري تعالى ، كقبح الظلم ، وإظهار المعجزة في يد الكافر ، ووجوب اللطف عليه تعالى ، وكونه مختارا في أفعاله إلى غير ذلك ، إن قلنا بأنّ هذه المذكورات أحكام شرعيّة ، وإلاّ ـ فبناء على التحقيق ـ هذه أحكام عقليّة كلاميّة فتخرج بقيد « الشرعيّة » ولا حاجة معه إلى اعتبار خروجها من « الفرعيّة » أيضا ، وإن كان ذلك يستلزم انتقاض تعريفها طردا بالخصوص من غير أن يسري النقض إلى حدّ « الفقه » كما يظهر بأدنى تأمّل.
ولو أردنا صون تعريفها أيضا عن النقض المذكور نتشبّث بما ذكر ، وحيث إنّ المكلّف في لسان المتشرّعة ينصرف إلى الادميّين فيخرج به الأحكام المتعلّقة بأفعال الملائكة والأجنّة لو فرض حصول العلم بها بطريق الاستدلال ، بناء على أنّ هذا العلم لا يسمّى « فقها » في الاصطلاح ، وانّ ما ذكرنا سابقا (١) في دفع إشكال
__________________
(١) تقدم في نفس هذه التعليقة ، الصفحة : ٥٣.