على هذا الوصف « لهم نصيب مما كسبوا » من ثواب ما كسبوا في الدنيا وفي الاخرة « والله سريع الحساب » لانه لا يشغله شأن عن شأن ولا محاسبة أحد من محاسبة آخر فاذا حاسب أحدا فهو في تلك الحال محاسب للكل يتم حساب الكل بتمام حساب واحد وهو كقوله « ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة » لا يشغله خلق واحد عن خلق آخر ولا بعث واحد عن بعث آخر (١).
قال علي بن الحسين عليهماالسلام وهو واقف بعرفات للزهري : كم تقدر من الناس ههنا؟ قال : أقدر أربعة الف الف وخمسمائة الف كلهم حجاج قصدوا الله بأموالهم ويدعونه بضجيج أصواتهم فقال له : يا زهري ما أكثر الضيجيج وأقل الحجيج! فقال الزهري : كلهم حجاج أفهم قليل؟
فقال : يازهري ادن إلى وجهك فأدناه إليه فمسح بيده وجهه ثم قال : انظر فنظر إلى الناس قال الزهري ـ فرأيت أولئك الخلق كلهم قردة لا أرى فيهم انسانا إلا في كل عشرة ألف واحد من الناس.
ثم قال لي : ادن يازهري فدنوت منه فمسح بيده وجهي ثم قال : انظر فنظرت إلى الناس قال الزهري : فرأيت اولئك الخلق كلهم خنازير.
ثم قال لي : ادن إلي وجهك فأدنيت منه فمسح بيده وجهي فاذا هم كلهم ديبه إلا تلك الخصايص من الناس النفر اليسير فقلت : بأبي وامي أنت يا ابن رسول الله قد أدهشتني آياتك وحيرتني عجائبك قال : يازهري ما الحجيج من هؤلاء إلا النفر اليسير الذين رأيتهم بين هذا الخلق الجم الغفير ثم قال لي : امسح يدك على وجهك ففعلت فعاد أولئك الخلق في عيني اناسا كما كانوا اولا.
ثم قال لي : من حج ووالى موالينا وهجر معادينا ووطن نفسه على طاعتنا ثم حضر هذا الموقف مسلما إلى الحجر الاسود ما قلده الله من أمانتنا ووفيا بما ألزمه من عهودنا فذلك هو الحاج والباقون هم من قدر أيتهم يازهري حدثني أبي عن جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله أنه قال : ليس الحاج المنافقون المعاندون لمحمد وعلي
__________________
(١) تفسير العسكرى ص ٢٥٦ الطبعة المحشاة بكنز العرفان.