وكيف كان فلا بد لنا من نقل الخبر ، فانّ فيه من الدلالة على علوّ مقام يونس ما لا يخفى على الناقد ، مضافاً إلى فوائد اخرى وإنْ خرجنا به عن وضع الكتاب.
قال رحمهالله في أول باب ما جاء عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) مما يوافق هذه الأخبار ونصّه على ابنه موسى عليهالسلام : حدّثنا علي بن الحسين ، قال : حدثنا أبو محمّد هارون بن موسى ، قال : حدثني محمّد بن همام ، قال : حدثني عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثني عمر بن علي العبدي ، عن داود بن كثير الرقي ، عن يونس بن ظبيان ، قال : دخلت على الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فقلت : يا ابن رسول الله انّي دخلت على مالك وأصحابه وعنده جماعة يتكلمون في الله عزّ وجلّ فسمعت بعضهم يقول : إنّ لله تعالى وجهاً كالوجوه ، وبعضهم يقول : له يدان ، واحتجوا بقول الله سبحانه (بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ) (١) وبعضهم يقول : هو الشاب من أبناء ثلاثين سنة ، فما عندك في هذا؟
قال : وكان متكئاً فاستوى جالساً وقال : اللهم عفوك عفوك عفوك ، ثمّ قال : يا يونس من زعم أنّ لله وجهاً كالوجوه فقد أشرك ، ومن زعم أنّ لله جوارحاً كالمخلوقين فهو كافر بالله ، فلا تقبلوا شهادته ولا تأكلوا ذبيحته ، تعالى الله عمّا يصفه المشبهون بصفة المخلوقين ، فوجه الله أنبياؤه وأولياؤه ، وقوله : (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ) (٢) ، فاليد القدرة كقوله
__________________
(١) ص الآية : ٧٥.
(٢) ص الآية : ٧٥.