ومن ثمّ فهذا المسلك يعتمد الإتجاه العقلي في الكشف عن معاني الآيات وألفاظها ، وفي هذه الحدود أجاز العلماء هذا اللون من التفسير في ضوء شرائط تحرّزية ، تتمثّل في إرجاعه إلى مرجعية النص ومعياريته أوّلاً ، ثم الاعتماد على ما ورد تفسيره عن النبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام ثانياً. وكذلك أن لا تعرف فيه بشاعة الاستقباح.
هذه الضوابط ستكون في ما بعد منيرة السبيل للمفسر برأيه على أن يكون حائزاً للضوابط الفنية والموضوعية للمفسر التي تشكل ضابطاً آخر مهماً من ضوابط التفسير ، بأن يكون ذا معرفة ، واطلاع بقوانين اللغة (وأساليبها ، بصيراً بقانون الشريعة حتى ينزل كلام اللّه على المعروف من تشريعه)(١).
ونلاحظ هنا ورود جملة من الروايات عن الصحابة والتابعين في التفسير بالرأي بهذه الحدود ، أعني عدم معارضتها لما صحّ عن النبي صلىاللهعليهوآله وأهل البيت عليهمالسلام وعدم منافاتها لأدلّة العقول ، وجريانها على وفق قواعد اللغة وأساليب البيان العربي. وكان تلميذ الإمام علي عليهالسلام عبد اللّه بن عباس من القلائل الذين (اُوتوا علماً في كتاب اللّه رغم تحرّج أكثر الصحابة من القول في تفسير كتاب اللّه)(٢).
المسلك الثاني ـ التفسير بالرأي المنهي عنه : وردت العديد من الروايات
__________________
(١) الزركشي / البرهان في علوم القرآن ٢ : ١٧٨.
(٢) ابن تيمية / مقدمة في تفسير القرآن : ٣٨.