أولاً : في جانبه التشريعي ، كما سيثبت دلالة أنّ النص (تِبْيَانا لِكُلِّ شَيْءٍ)(١) ومهيمنا على غيره ، ومحيطا بالحاجات والمقتضيات عموما في جوانبه الأُخرى.
خلاصة هذا الضابط المهم في الكشف عن النص والاستمداد منه إذن تتمثّل في تجرّده عن الارتباط بالقيود النسبية ، فهو تعبير لفظي تسلح باللغة في التعبير عن قوانين عامة ، وتلك الحالة الجزئية (سبب النزول) وإن ورد النص لمعالجتها ، لكنها لن تقيّده بقيودها ، وأنّ نسبيتها وجزئيتها الموضوعية لا تشكّل تحديدا للنص ومجالاً نهائيا لاحتمالات انطباقه ، وإنما تبقى للنص خصيصة الجريان والامتداد في الانطباق على المصاديق المتجددة الظهور عبر الأزمان والأجيال والأمكنة على كل الحالات التي تعبر فيها هذه الجزئيات عن روح القانون الكلي الذي جاء به النص ، وستمثل كل حالة جزئية في زمنها بالتالي أحد الأفراد المنطوية تحت حكم ذلك القانون الكلي.
هذا ما عبّرت عنه القاعدة العامة (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)(٢). وهذا ما أثبته النص القرآني لنفسه من خلال نصوصه التي جاءت
__________________
(١) سورة النحل : ١٦ / ٨٩.
(٢) هذه القاعدة من القواعد الأُصولية المتّفق عليها بين عموم المسلمين ، وهي مأخوذة من كلمات أهل البيت عليهمالسلام ، ومرجعها إليهم؛ إذ لم يسبقهم إليهم أحد ، وسيأتي في كلماتهم عليهمالسلام ما يؤكّد ذلك.