نزل هدى للعالمين وما بيّنه من الحقائق النظرية حقائق لا تختص بحال دون حال ولا زمان دون زمان ، وما ذكره من فضيلة أو رذيلة ، وما شرعه من حكم عملي ، لا يتقيد بفرد دون فرد ولا عصر دون عصر لعموم التشريع)(١).
هذا الضابط المهم كان للأئمة عليهمالسلام في تصديهم لتفسير النص أثرٌ بارزٌ في تأسيسه وتفعيله لكشف دلالات النص التي لا تظهر لكل ذي فهم ، وتستلزم فهما خاصا قادرا على استحضار إمكانات النص التي ينطق بها إيحاءً بما يمثل استبطانا يستدعي آفاقا واسعة يتحرك في إطارها. وهذا الضابط هو ما عبّر عنه الإمام الباقر عليهالسلام فيما روى عنه أبو بصير ، قال : سألته عن الرواية : ما في القرآن آية إلاّ ولها ظهر وبطن وما فيها من حرف إلاّ وله حد ولكل حد مطلع ما يعني بقوله (ظهر وبطن)؟ قال عليهالسلام : (ظهره تنزيله ، وبطنه تأويله ، منه ما مضى ، ومنه ما لم يكن بعد ، يجري كما يجري الشمس والقمر كلما جاء منه شيء وقع)(٢).
هذه السعة المتصورة في شمول النص تبعده إلى آفاق بعيدة من التحرر من قيد سبب النزول ومورده ، ذلك التقييد الذي يعده الأَئمة عليهمالسلام إماتة للآية.
قال الإمام الباقر عليهالسلام : (ولو أنّ الآية إذا نزلت في قوم ثم مات أولئك
__________________
(١) الطباطبائي / الميزان ٤٢:١.
(٢) تفسير العيّاشي ١١:١.