فيه(١) ، في الوقت الذي نجد فيه أنّ الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام قد تصدى للمهمة الجليلة بوضع أُسس الكشف عن منظومة العقائد الإسلامية الكلامية من خلال بيانها للأُمّة ، وبلورة مفاهيمها ، انطلاقا من النص القرآني ، وكان من أهم ملامح هذا التصدي عنده عليهالسلام :
١ ـ أسبقيته عليهالسلام إلى تأويل ظواهر الكتاب ، وتحكيم العقل في الدفاع عن الدين ، والتوفيق بين العقل وظاهر الشرع(٢).
٢ ـ بيان ملامح العقيدة والمنظور القرآني لأُسسها فيما ورد عنه عليهالسلام من الروايات التي بلغت المئات وتضمنتها كتب التفسير والعقائد ، واشتمل (نهج البلاغة) على الكثير منها مما يتناول الحكمة والمباحث التوفيقية ومفاهيم التوحيد والعدل ، حتى أنّ تفرده في ذلك واضح ، بحيث (لا نجد في كلام أحد من الصحابة والتابعين كلمة واحدة من ذلك)(٣) حتى صار العلم الإلهي وهو أشرف العلوم (من كلامه عليهالسلام اقتُبس ، وعنه نُقل ، وإليه انتهى ، ومنه ابتدأ)(٤).
وللإمام عليهالسلام فضل رجوع اتجاهات البحث الكلامي إليه كافة ، في أُصولها المعتمدة المستمدة من فهم النص القرآني ، بحيث صار (جميع ما
__________________
(١) النشار علي سامي / نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام : ٤ (بتصرف) منشأة المعارف الاسكندرية ج مصر ط ٢ ، ١٩٦٢م.
(٢) ظ : محمد جواد مغنية / فلسفات إسلامية : ٧٥٩.
(٣) أحمد محمود صبحي / نظرية الإمامة : ٢٦٩.
(٤) ابن أبي الحديد / شرح نهج البلاغة ١ : ١٧ من المقدّمة.