ويستنتج من هذا أنّ عدم وقوف المتصدّي لعملية التفسير على جملة من الموضوعات والأحداث والمعارف والعقائد في الكتاب الكريم أو السنّة المطهّرة ، لا يعني أبداً خلوّهما عن ذلك بقدر ما يعنيه قصور فهم المتصدّي وقلّة بضاعته وضعف استعداده لعملية استنباط ذلك منهما ؛ لأنّ في الكتاب العزيز خصوصاً والسنّة الشريفة عموماً إشارات وتنبيهات وتلويحات كثيرة لم يهتدِ إليها إلاّ أهل البيت عليهمالسلام في تشخيص معارف الدين وعقائده التي لم يصل كثير منها إلى أيدي الناس ، لأنّ اكتناه رموز الكتاب ، ومعرفة إشاراته وتلويحاته ، والعلم بأسراره وظواهره وبواطنه والإحاطة التامة بالسنّة النبوية ، والوقوف على جميع تفاصيلها إنّما هو من خصائص العترة عليهمالسلام التي لا يشاركهم فيها أحد بمقتضى اصطفائهم الثابت قرآناً وسنّة.
ويكوّد أهل البيت عليهمالسلام مصدرية القرآن للتأصيل في تحديد دقيق لوجه الحقّ بين كلّ مختلفين فيه بإرجاعهما إلى واقع ما عليه القرآن في تأصيله الأُصول وأُمّهات المسائل وإن لم يخض في التفصيل والتفريع في كلّ شونها.
روى المعلى بن خنيس ، قال : (قال أبو عبد اللّه عليهالسلام : ما من أمر يختلف فيه إثنان إلاّ وله أصل في كتاب اللّه عزّوجلّ ، ولكن لا تبلغه عقول الرجال)(١).
وروى حمّاد ، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال : (سمعته يقول : ما من شيء إلاّ
__________________
(١) أصول الكافي ١ : ٦٠ / ٦ باب الردّ إلى الكتاب والسنّة من كتاب فضل العلم.