والدستور الإلهي.
لقد أسّست الدعوة للتفكّر والتدبّر ـ عند تحقّقهما ـ لمعياريّة مهمّة ومنطلقات تأصيليّة لطبيعة الروة التي يجب أن يستضاء النص لتكوينها حتّى تكون موّلة لأن يقال إنّها منظومة عقيدة.
ففي هدي القرآن تنطلق آفاق متجدّدة من الفهم ، ولكي ترتبط بأُصوله ، عليها أن تستحضر مبادئ ومعايير فهم مقنّن بإطاره الذي جاء لتصويره وتقريره ببعديه الزمانييّن : النزولي ، والمفتوح غير المقيّد بزمان أو مكان.
هكذا كان النص واحداً وسيبقى واحدا ما بقي حلال محمد صلىاللهعليهوآله حلالاً وحرامه حراماً ، وما النظرات والتمثّلات للنص إلاّ رو ، كان بعضها موفّقا حيث برقت وومضت في ذهن أصحابها استضاءات بضوابط ومعايير فهمه كما أرساها وكما أسَّس لها المنهج النبويّ وتمثّلها الموّلون الحقيقيّون لكشف دلالاته ، وكان بعضها زيغا وابتغاء فتنة ، اتّبع متشابهات الكتاب ابتغاء عكس الطروحات والأهواء والآراء الخاصّة للنصّ لانتزاع تأهيل غير مشروع دخيل على النص كما هو دخيل على الانعكاسات الإيجابية عن النص من ركائز الفكر الإسلامي والمشروع المركزي المستضيء بالنص والمشكِّل للنسق العقائدي.
أصَّل القرآن لمعياريّات ومبادئ فهم ، فبيَّن أنّه تبيان لكلّ شيء ، وأنّ فروعه تردّ إلى أُصوله ، وأنّه لا يتناقض ، ولا يزيد ولا ينقص ، ولا يتحدّد بزمان ، وأنّه سقف لكلّ تطور ، لا يعلوه فهم ولا يسبقه منظور ، وأنّ فهمه يجري باستدعاء كامل جزئيات منظوره الخاص ؛ لأن أي فهم محدود يهمِّش النص ويعوِّم مفاهيمه لتطفو على سطح الفكر محاولات محدودة