شَيْءٍ)(١) ، إذ كيف يتصور أن يكون القرآن الكريم تبيانا لكل شيء ويعجز عن أن يكون تبيانا لنفسه؟! وكيف يكون (هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)(٢) و (نُوراً مُبِيناً)(٣) وهم أحوج ما يكون أن يهديهم إليه ، ويبين لهم نفسه ويضيء لهم خباياه؟!
وقد جاء في الحديث الشريف : (إنّ القرآن ليصدق بعضه بعضا ..)(٤) ومن مصاديق وتطبيقات هذا التصديق ، أن يبين بعضه خبايا بعض ، والاستمداد ببعضه على كشف بعضه الآخر.
ومما لا شك فيه أنّه بوجود هذا الطريق إلى فهم القرآن من الاهتداء بالبيان الإلهي نفسه ، ينتج أن طريق فهمه غير مسدود ، وأنّه لا يحتاج إلى طريق سواه ؛ لأنّ من كان هادياً لا يفتقر إلى غيره في الهداية إليه ، ونحن نلاحظ من الكتاب نفسه أن اللّه تعالى هو المبين الأول لمراده من كلامه كما في قوله تعالى : (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)(٥).
__________________
(١) سورة النحل : ١٦ / ٨٩.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٨٥.
(٣) سورة النساء : ٤ / ١٧٤.
(٤) نقله المتّقي الهندي في كنز العمّال ١ : ٦١٩ / ٢٨٦١ عن الطبراني مرفوعاً ، ونقله ابن كثير في تفسير القرآن العظيم ١ : ٣٥٥ عن أحمد بن حنبل من طريق آخر مرفوعاً.
(٥) وأخرجه الشيخ الصدوق في التوحيد : ٢٥٥ / ٥ باب ٣٦ عن أمير المؤمنين الإمام عليّ عليهالسلام.
(٦) سورة البقرة : ٢ / ١٨٧.