حيث تُقَسَّم آياته إلى (محكمات) و (متشابهات) ، لتشكّل العلاقة الحتمية والتظافرية بينهما بلا انفكاك ، ولتوّد أن الفصل بينهما يعني اقتطاع النص وتهميش الجزء المهم منه.
هذه العلاقة هي من مرجعية المحكم للمتشابه المعبّر عنها في الكتاب بـ (الأُمومة).
ففي قوله تعالى : (هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) يمكن استخلاص المراد منها من خلال متابعة المفردة في القرآن لكشف الدلالة الأصلية لمعنى أُم. إذ نلاحظ أنّها ترد فيه بمعنى الأصل وما يرجع إليه الشيء.
لاحظ قوله تعالى : (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ)(١).
وقوله تعالى : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)(٢).
وما ينتج من هذا هو ملامح صورة هذه المرجعية في المحكم للمتشابه حين يلجأ إليها في رفع التشابه ، حيث يتبيّن بوضوح أن المراد من المحكمات هي الآيات التي تتضمن أُصولاً قرآنية ثابتة ومسلَّمة في مقابل المتشابهات التي تبقى مداليلها من دون بيان ما لم ترجع إلى تلك الأصول الثابتة ، فالمحكم إذن هو محكم بذاته ومبيّن بنفسه. أمّا المتشابه فيول إلى الأحكام بعد ردّه إلى المحكم الذي هو الأصل الثابت ، وهكذا
__________________
(١) سروة الشوري: ٤٢/٧.
(٢) سروة الزخرف: ٤٣/٤.