ووصف المنسوخات التي لا يُعلم ناسخها بأنّها من المتشابهات مع كون المتشابه أعمّ من المنسوخ الذي لا يعلم ناسخه ؛ إنّما هو بلحاظ كون المنسوخ والمتشابه من باب واحد في حصول الاشتباه بهما بقاءً وثباتاً. وأمّا وصف المحكمات بأنّها من الناسخات مع كون المحكم أخصّ من الناسخ من وجه ؛ فهو بلحاظ كون المحكم ـ بالقياس إلى المتشابه ـ كالناسخ قياساً إلى منسوخه في البقاء والثبات ؛ لأنّهما من باب واحد أيضاً ، وهما في النتيجة سيّان. وعليه فمن عمل بالمتشابه دون المحكم فكأنّه عمل بالمنسوخ دون الناسخ. وفي الحديث الشريف تقريع بليغ لأولئك الذين نصبوا أنفسهم أعلاماً للأُمّة ووقعوا في جهلهم في متشابهات الكتاب العزيز فضلّوا وأضلّوا.
وفي رواية أُخرى عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن المحكم والمتشابه فقال : (المحكم ما يعمل به والمتشابه ما اشتبه على جاهله) (١).
وروى مسعدة بن صدقة ، قال : (سألت أبا عبد اللّه عليهالسلام عن الناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه؟ قال : الناسخ الثابت المعمول به ، والمنسوخ ما قد كان يُعمل به ، ثم جاء ما نسخه ، والمتشابه ما اشتبه على جاهله)(٢).
والتعبير بـ (جاهله) يؤكّد هنا على وجود من لا يجهله ، وهذا ما يلزم عنه الرد إليه ، فيعود المتشابه محكماً ، وهو ما يتمثل بمرجعية (من لا
__________________
(١) تفسير العيّاشي ١٦٢:١/٣.
(٢) تفسير العيّاشي ١١:١_١٢/٧.