بأحكامها ، ويفتديها بكلّ غال ونفيس من أجل أن تحيى وتبقى كلمة الله هي العليا. والمتتبّع لسيرة الرّسول وأهل بيته (صلوات الله عليهم) يلمس بوضوح ترابط الأدوار التي قام بها المعصومون من آل النبيّ وتكاملها ، وهم مستسلمون لأمر الله ورسوله غاية التسليم.
وقد أدلى الإمام الحسين عليهالسلام بذلك حينما أشار المشفقون عليه بعدم الخروج إلى العراق ، فقال عليهالسلام : «أمرني رسول الله بأمر وأنا ماضٍ له» (١).
كما إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان قد أخبر بمقتل الإمام الحسين عليهالسلام بأيدي الظلمة الفاسقين حين ولادته حتّى بات ذلك من الاُمور المتيقّنة لدى المسلمين (٢).
أهداف منظورة في ثورة الإمام الحسين عليهالسلام
إنّ أهداف الرجال العظام هي عظيمة في التأريخ ، وتزداد رفعةً وسموّاً حين تنبعث من عمق رسالة سامية. ونحن حين نقف أمام الحسين عليهالسلام الذي يمثّل أعظم رجل في عصره وهو يحمل ميراث النبوّة ، وثقل الرسالة الخاتمة الخالدة مسدّداً بالتسديد الإلهي في القول والفعل ، وأمام سيرته لنبحث عن أهداف نهضته المقدّسة ـ التي فداها بنفسه وبأهل بيته وخيرة أصحابه ـ لا نجد من السّهل لنا أن نحيط علماً بكلّ ذلك ، لكنّنا نبحث بمقدار إدراكنا ووعينا للحدث وفق ما تتحمّله عقولنا طبعاً.
لقد تفانى الحسين عليهالسلام في الله ومن أجل دينه ، فكانت أهدافه ـ التي
__________________
(١) البداية والنهاية ٨ / ١٧٦ ، وتأريخ ابن عساكر / ترجمة الإمام الحسين عليهالسلام ، ومقتل الحسين ـ للخوارزمي ١ / ٢١٨ ، والفتوح ٥ / ٧٤.
(٢) مستدرك الحاكم ٤ / ٣٩٨ و٣ / ١٧٦ ، وكنز العمال ٧ / ١٠٦ ، ومجمع الزوائد ٩ / ١٨٧ ، وذخائر العقبى / ١٤٨ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ١٥.