من هنا لجأ الإمام الحسن عليهالسلام ، ومن بعده الحسين عليهالسلام إلى اُسلوب آخر لنشر الدعوة ، والتهيّؤ للثورة التي غذّاها معاوية بظلمه وجوره ، وبُعده عن تمثيل الحكم الإسلامي الصحيح ، حتّى إذا مات معاوية كان كثير من النّاس ، وعامّة أهل العراق ـ بشكل خاصّ ـ يرون بغض بني اُميّة وحبّ أهل البيت عليهمالسلام لأنفسهم ديناً (١).
المواقف من ثورة الحسين عليهالسلام قبل انطلاقها
لم تكن نهضة الإمام الحسين عليهالسلام وثورته حركةً آنيةً ، أو ردّة فعل مفاجئة ، بل كان الحسين عليهالسلام في الاُمّة يُمثّل بقيّة النبوّة ، وكان وريث الرسالة ، وحامل راية القيم السّامية التي أوجدها الإسلام في الاُمّة وأرسى قواعدها ، كما إنّ العهد قريب برحيل النبيّ صلىاللهعليهوآله الذي كان يُكثر الثناء والتوضيح لمقام الإمام الحسين عليهالسلام ، وفي الوقت نفسه كانت قد ظهرت مقاصد الاُمويّين الفاسدة تجاه رسالة النبيّ صلىاللهعليهوآله الإسلاميّة واُمّته المؤمنة برسالته.
وقد وقف أهل البيت عليهمالسلام بصلابة يدافعون عن الحقّ والعدل وإحياء الرسالة الإسلاميّة ، والمحافظة عليها بكلّ وسيلة ممكنة ومشروعة.
وفي عصر الإمام الحسين عليهالسلام كان لتراخي وفتور الاُمّة عن نصرة الحقّ إلى جانب تسلّط المنافقين ونفوذهم في أجهزة الدولة دور كبير لإيجاد حالة مَرَضيّة يمكن تسميتها بفقدان الإرادة وموت الضمير ، ومن ثمّ تباينت المواقف تجاه اُسلوب الدفاع عن العقيدة الإسلاميّة وصيانتها ، وسيادة الحقّ والعدل.
__________________
(١) الفتنة الكبرى ، علي وبنوه ـ طه حسين / ٢٩٠ ، وللمزيد من التفصيل راجع ثورة الحسين عليهالسلام ، ظروفها الاجتماعية وآثارها النفسية / ١٢٧.