قتلُ مسلم بن عقيل ، وهانئ بن عروة ، وعبد الله بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتُنا ، فمَنْ أحبَّ منكم الانصراف فلينصرفْ في غير حرج ليس معه ذمام».
فتفرّق النّاس عنه وأخذوا يميناً وشمالاً ، حتّى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة ونفر يسير ممّن انضمّوا إليه ، وإنَّما فعل ذلك لأنّه عليهالسلام علم أنّ الأعراب الذين اتّبعوه إنّما اتّبعوه وهم يظنّون أنَّه يأتي بلداً قد استقامت له طاعةُ أهله ، فكره أن يسيروا معه إلاّ وهم يعلمون على ما يقدمون (١). فلمّا كان السَحَر أمر أصحابَه فاستقَوْا ماءً وأكثروا ، ثمّ ساروا.
لقاء الإمام الحسين عليهالسلام مع الحرّ
وبينما كان الإمام عليهالسلام يسير بمَنْ بقي معه من أصحابه المخلصين وأهل بيته وبني عمومته إذا بهم يرون أشباحاً مقبلة من مسافات بعيدة ، وظنّها بعضهم أشباح نخيل ، ولكن لم يكن الذي شاهدوه أشجار النخيل ولكنّها جيوش زاحفة ، فبعد قليل تبيّن لهم أنّ تلك الأشباح المقبلة عليهم هي ألف فارس من جند ابن زياد بقيادة الحرّ بن يزيد الرياحي ، أرسلها ابن زياد لتقطع الطريق على الحسين عليهالسلام وتسيّره كما يريد ، ولمّا اقتربوا من ركب الحسين عليهالسلام سألهم عن المهمّة التي جاؤوا من أجلها ، فقال لهم الحرّ : لقد اُمرنا أن نلازمكم ، ونجعجع بكم حتّى ننزلكم على غير ماء ولا حصن ، أو تدخلوا في حكم يزيد وعبيد الله بن زياد (٢).
__________________
(١) الإرشاد ٢ / ٧٥ ـ ٧٦ ، والبداية والنهاية ٨ / ١٨٢ ، وأعيان الشّيعة ١ / ٥٩٥.
(٢) تأريخ الطبري ٣ / ٣٠٥ ، ومقتل الحسين ـ للخوارزمي ١ / ٢٢٩ ، والبداية والنهاية ٨ / ١٨٦ ، وبحار الأنوار ٤٤ / ٣٧٥.