والقضاء ينزل من السّماء. فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «صدقت ، للهِ الأمر ، واللهُ يفعل ما يشاء ، وكلّ يوم ربّنا هو في شأن ، إن نزل القضاء بما نحبّ فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشّكر ، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يتعدَّ مَنْ كان الحقُّ نيّتَه والتقوى سريرَتَه» (١).
ثمّ واصل الإمام عليهالسلام مسيرته بعزم وثبات ، ولم يثنه عن عزيمته قول الفرزدق في تخاذل النّاس عنه وتجاوبهم مع الاُمويّين.
كتاب الإمام عليهالسلام لأهل الكوفة
ولمّا وافى الإمام الحسين عليهالسلام الحاجر من بطن ذي الرُّمّة ـ وهو أحد منازل الحجّ من طريق البادية ـ كتب كتاباً لشيعته من أهل الكوفة يعلمهم بالقدوم إليهم ، ولم يكن عليهالسلام قد وصله خبر ابن عقيل ، هذا نصّه :
بسم الله الرحمن الرحيم
من الحسين بن علي إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين :
سلام عليكم. فإنّي أحْمَدُ إليكم الله الذي لا إله إلاّ هو.
أمّا بعد ، فإنّ كتاب مسلم بن عقيل جاءني يُخبرني فيه بحسن رأيكم واجتماع مَلَئكم على نصرنا والطلب بحقّنا ، فسألت الله أن يُحسن لنا الصّنيع ، وأن يُثيبكم على ذلك أعظم الأجر ، وقد شَخَصْتُ إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجّة يوم التروية ،
__________________
(١) مقتل الحسين ـ للمقرّم / ٢٠٣ ، البداية والنهاية ـ ابن كثير ٨ / ١٨٠ ، صفة مخرج الحسين عليهالسلام إلى العراق.