الإسلامي ، ولم يتمكّن من إعادة هذا المجتمع إلى طريق الحقّ والعدالة اللاّحب ، إذ وقفت في وجهه فئات من المنافقين والنفعيين ، ومَنْ كان يحمل في نفسه البغض والكره لله ولرسوله، وقد أكّد ذلك في خطبته الشقشقية بقوله عليهالسلام : «فلمّا نهضتُ بالأمر نكثت طائفة (١) ، ومرقت (٢) اُخرى ، وقسط آخرون (٣) ، كأنّهم لم يسمعوا كلام الله سبحانه يقول : (تِلْكَ الدَّارُ الآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٤). بلى والله ، لقد سمعوها ووعوها ، ولكنّهم حليت الدنيا في أعينهم ، وراقهم زبرجها» (٥).
مع أبيه عليهالسلام في إصلاح الاُمة :
لقد بادر الإمام عليّ عليهالسلام إلى إعادة الحقّ إلى نصابه ، والعدل إلى سيادته ، مُحيياً سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله في الاُمّة ، مُنتهجاً الطريق القويم. وما أسرع ما وقفت قوى الضلال ضدّ إصلاحات الإمام عليهالسلام في مجال الإدارة ، وفي مجال توزيع الأموال ، وفي مجال العدل في القضاء ، وفي مجال مراعاة شؤون الرسالة وشؤون المسلمين!
ولم يتردّد عليهالسلام في التحرّك لفضح خطّ النّفاق والقضاء على الفساد واجتثاث جذوره ؛ لتسلم الرسالة والاُمّة منه ، وقام هو وأهل بيته عليهمالسلام يخوضون غمار الحروب دفاعاً عن الإسلام مقتدين برسول الله صلىاللهعليهوآله. وشارك الإمام الحسين عليهالسلام في جميع الحروب التي شنّها المنافقون ضدّ الإمام علي عليهالسلام
__________________
(١) نكثت طائفة : نقضت عهدها ، وأراد عليهالسلام بتلك الطائفة الناكثة أصحاب الجمل.
(٢) مرقت : خرجت ، وأراد عليهالسلام بتلك الطائفة المارقة الخوارج أصحاب النهروان.
(٣) قسط : جار ، وأراد عليهالسلام بالجائرين أصحاب صفّين.
(٤) سورة القصص / ٨٣.
(٥) نهج البلاغة / الخطبة الشقشقية.