إنّ معاوية عمد إلى إثارة الأحقاد القديمة بين الأوس والخزرج ؛ محاولاً بذلك التقليل من أهمّيتهم ، وإسقاط مكانتهم أمام العالم العربي والإسلامي ، كما تعصّب لليمنيّين على المُضريّين ، وأشعل نار الفتنة فيما بينهم حتّى لا تتّحد لهم كلمة تضرّ بمصالح دولته (١).
٣ ـ سياسة البطش والجبروت :
ساس معاوية الاُمّة بسياسة البطش والقمع ، فاستهان بمقدّراتها وكرامتها ، وقد أعلن ـ بعد الصّلح ـ أنّه قاتل المسلمين وسفك دماءهم ؛ كي يتأمّر عليهم ، وقد أدلى بتصريح عبّر فيه عن كبريائه وغطرسته فقال : نحن الزمان ، مَنْ رفعناه ارتفع ، ومَنْ وضعناه اتّضع (٢).
وسار عمّاله وولاته على هذه الخطّة الغادرة ، فقد خاطب عتبة بن أبي سفيان المصريّين بقوله : فوالله لأقطعنّ بطون السّياط على ظهوركم.
وجاء في خطاب لخالد القسري في أهل مكة : فإنّي والله ما اُوتي لي بأحد يطعن على إمامه (يعني معاوية) إلاّ صلبته في الحرم (٣).
٤ ـ الخلاعة والمجون والاستخفاف بالقيم الدينية :
عُرف معاوية بالخلاعة والمجون. يقول ابن أبي الحديد : كان معاوية أيام عثمان شديد التهتّك ، موسوماً بكلّ قبيح ، وكان في أيام عمر يستر نفسه قليلاً ؛ خوفاً منه ، إلاّ أنّه كان يلبس الحرير والديباج ، ويشرب في آنية الذهب والفضّة ، ويركب البغلات ذوات السّروج المحلاّت بها ـ أي بالذهب ـ وعليها جلال الديباج والوشي ...
__________________
(١) حياة الإمام الحسين عليهالسلام ٢ / ١٣٧.
(٢) حياة الإمام الحسين عليهالسلام ٢ / ١٣٨ ـ ١٣٩ ، والعقد الفريد ٢ / ١٥٩.
(٣) الأغاني ـ لأبي الفرج الأصفهاني ٢٢ / ٣٨٢ طبعة بيروت.